" لـ" أجل "ذا ثنيت" أي عطفت "دونها عناني" عن ذكر تلك المسائل، وصرفت لساني عن الحديث فيها "إراحة لـ" القلم الذي هو "ممتطى" ومركوب "البيان"، وإنما وصف بذلك لكونه وسيلة موصلة إلى إبراز مكنونات الصدور والنفوس من المعاني وإظهارها. "على أن في أثناء الكتاب رموزا مشيرة وأشعة توضح من شمسها المنيرة فمن تهدى إليها رجا بحول الله الوصول ومن لا فلا عليه إذا اقتصر التحصيل على المحصول ففيه إن شاء الله مع تحقيق علم الأصول علم يذهب به مذاهب السلف ويقفه على الواضحة إذا اضطرب النظر واختلف فنسأل الله الذي بيده ملكوت كل شيء أن يعيننا على القيام بحقه وأن يعاملنا بفضله ورفقه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير والحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى"(١).
"قلت" القول للعلامة ابن عاصم - رحمه الله تعالى -: "وما اعتنى" الإمام الشاطبي - رحمه الله تعالى - "برسمه" وبيانه في هذا الكتاب "يشهد" جازما "باطلاعه" الواسع العميق "وعلمه" الغزير المتدفق. "وفي الذي أورده" وأتى به مسطور في هذا السفر غنية و"كفاية" في موضوعه "ما بعده للطالبين" فيه "غاية" يتشوفون إليها وهذا الكلام من الناظم على سبيل الحقيقة، إذ العلوم لا تنحصر في كتاب، ولا يحيط بها مخلوق، والغايات في العلوم لا يستطيع بها أحد "وقد بذلت" وأعطيت "الجهد" أي الطاقة - يعني جهده وطاقته - "في تقريبه" وتسهيله "للحفظ بالنظم" يعني بنظمه - فاللام نائبة عن الضمير - جاريا في ذلك "على" نسج المصنف للكتاب و"ترتيبه" له، إلا في مواطن جزئية اقتضى البيان لها تغيير ما هي عليه من ترتيب في الأصل. "والله جل وعلا" الولي الحميد نسأله أن "يوتينا" ويمنحنا بمحض فضله "علما" نافعا "يزيدنا به يقينا" وثباتا على الحق،