ذلك المحل. وأما إن كان الثاني - وهو عدم قبول المحل لتلك الحكمة لأمر خارجي - مع قبول المحل لتلك الحكمة من حيث نفسه، فهل يؤثر ذلك الأمر الخارجي في شرعية السبب، أم يجري السبب على أصل مشروعيته؟ هذا محتمل، والخلاف في ذلك سائغ.
قال الناظم:"وذاك" الأصل الذي يرجع إليه هذا الموضع هو "أن السبب المشروع لـ" لأجل "حكمة مطلوبة وقوعا" يعني لحكمة مطلوب وقوعها من جهة الشرع، لا يخلو حاله - أي ذلك السبب - في هذا الشأن من أمرين: أحدهما: أن يعلم أو يظن وقوع تلك الحكمة به ثانيهما: أن لا يحصل العلم ولا الظن فيه بذلك، وذلك قد يكون إما لعدم قبول المحل لتلك الحكمة، وإما لأمر عارض خارجي. فـ "إن علم الوقوع" لتلك الحكمة به "أو ظن فذا" أي هذا النوع من السبب "شرعية الحكم" بكونها سببا شرعيا وجريان ذلك "لديه" مثلا أي فيه شرعية "تحتذى" إذ لا إشكال فيها.
وسبيل الاحتذاء بها قد يجري - مثلا - في إثبات شرعية الشروط والموانع الجارية عن سنن هذا السبب الصالح لتحصيل ما قصد به شرعا من مصلحة وبذلك ثبتت له تلك الشرعية.
"و" أما ما لا يعلم ولا يظن أنه يحصل به ما شرع له من حكمة وهو "عكس ذا" هذا الضرب المتقدم ذكره، فإنه يصير كذلك لأمرين:"إما" لأنه "يرى" أي يعلم أنه "لا يقبل حكمته" - مفعول به - أي ما قصد به شرعا من حكمة "المحل" - فاعل يقبل - المفروض جريان ذلك السبب ووقوعه فيه، وقد يكون عدم القبول لهذا المانع عادي، أو شرعي، أو عقلي، ثابت موجود "حين يعمل" ذلك السبب في ذلك المحل. والسبب إن كان لا تحصل به الحكمة الشرعية الموضوع لها في محل ما "فليس ذاك سببا شرعا هنا" أي في هذا المحل الذي حكمته ممنوعة فيه وذلك "كزجر غير عاقل إذا جنى" فإن ذلك عبث، لأن الحكمة من الزجر حصول الانكفاف، وهو من غير العاقل لن يقع. وكالعقد على الخمر والخنزير، فإنه لن يقع شرعا، إذ المحل - الخمر والخنزير - لا يقبل حكمة