ومسائلها من الدواوين والأسفار، آخذين لها مهذبة مصححة من أفواه الراسخين في العلم مستنيرين بالقواعد العلمية في مجاري النظر والاعتبار، معملين لها بمهارات واقتدار، حتى قامت بهم الملكات العلمية قيام النار بالمرخ والعفار والماء بالأنوار والأزهار، فسالت أودية أذهانهم بالعلوم الغزيرة وأثمار الأنظار، ودقائق المعاني بلا حد ولا انحصار، ثم أودعت في بطون الصحائف والزبر مرشدة إلى الهدى والإبصار، تمنح من أتاها بلا من ولا إقتار، ورغبة مني - وأنا العبد الفقير، الذي لا يعد في ميدان العلوم من العير ولا من النفير - في خدمة ما تيسرت خدمته من نتاج وغلات هؤلاء العلماء، وفي الانتساب إلى السير على سبيلهم بوجه ما، سعيت إلى أن أضع شرحا على منظومة العلامة الشيخ القاضي محمد بن محمد أبي بكر القيسي الغرناطي، التي سماها "نيل المنى في نظم الموافقات" للإمام الشاطبي - رحمه الله تعالى - وهو هذا الشرح الذي أمامك أيها القارئ الكريم، دعاني إليه ما ذكرت والطمع في نيل أجر ناشر العلم، ثم ما بدا إلي من أن منفعة ما تحصل لطلبة العلم الشرعي بذلك، ومن أن هذا الأمر قد يكون فيه حفظ ونشر لها للاستفادة منها على وجه أتم، وأحسن.
وأما النهج المسلوك في هذا الشرح فإنه يرد ذكره - بإيجاز - في المقدمة الموالية -: مقدمة الشرح.
أسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى أن يجعل هذا العمل عملا متقبلا عنده بقبول حسن، وسعيا مدخرا تقر به العين يوم الدين.