للإطلاق - أنها متممة ومكملة له "فإن الإبطال" والإسقاط "لأصل التكملة" التي شرعت لها هذه التتمة "يبطلها" أي يبطل هذه التتمة أيضا، لأنها كالصفة للموصوف، ولإبقاء الصفة مع زوال موصوفها وبذلك "فـ" إنها "لا ترى" ولا تقع "مكملة" لفقد ما تكمله.
وبيان ذلك أن حفظ المهجة مهم كلي، وحفظ المروءات مستحسن، فحرمت النجاسات حفظا للمروءات، وإجراء لأهلها على محاسن العادات فإن دعت الضرورة إلى إحياء المهجة بتناول النجس، كان تناوله أولى.
وكذلك أصل البيع، ومنع الغرر والجهالة مكمل، فلو اشترط نفي الغرر جملة لا نحسم باب البيع. وكذلك الإجارة ضرورية أو حاجية، واشتراط حضور العوضين في المعاوضات من باب التكميل، ولما كان ذلك ممكنا في بيع الأعيان من غير عسر، منع من بيع المعدوم إلا في السلم، وذلك في الإجارات ممتنع، فاشتراط وجود المنافع فيها وحضورها يسد باب المعاملة بها، والإجارة محتاج إليها فجازت وإن لم يحضر العوض أو لم يوجد، ومثله جار في الاطلاع على العورات للمباضعة والمداواة وغيرها.
وكذلك الجهاد مع ولاة الجور، قال العلماء بجوازه، قال مالك: لو ترك لكان ضررا على المسلمين. فالجهاد ضروري، والوالي فيه ضروري، والعدالة فيه مكملة للضروري، والمكمل إذا عاد على الأصل بالإبطال لم يعتبر.
ولذلك جاء الأمر بالجهاد مع ولاة الجور عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك ما جاء من الأمر بالصلاة خلف ولاة السوء فإن في ترك ذلك ترك سنة الجماعة، والجماعة من شعائر الدين المطلوبة، والعدالة مكملة لذلك المطلوب.
ولا يبطل الأصل بالتكملة. ومنه إتمام الأركان في الصلاة مكمل لضروراتها فإذا أدى طلبه إلى أن لا تصلى - كالمريض غير القادر - سقط المكمل، أو كان في إتمامها حرج، ارتفع الحرج عمن لم يكمل، وصلى على حسب ما أوسعته الرخصة. وستر العورة من باب محاسن الصلاة، فلو طلب على الإطلاق لتعذر أداؤها على من لم يجد ساترا إلى أشياء من هذا القبيل في الشريعة تفوق الحصر، كلها جار على هذا الأسلوب.