للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٨٠ - فَيَنْبَغِي لِذَاكَ أَنْ يُحَافَظَا … عَلَيْهِمَا مَعًا وَأَنْ يُلَاحَظَا

ولذاك "فـ" إنه "ينبغي" ويطلب "لذاك" أي لأجل ذاك الذي ذكر من التلازم المذكور في الاختلالات إذا أوردت على هذه المقاصد على الوجه المتقدم ذكره "أن يحافظا عليهما" أي على الحاجي والتحسيني. فإذا حوفظ على الضروري فينبغي المحافظة على التحسيني إذا ثبت أن التحسيني يخدم الحاجي، وأن الحاجي يخدم الضروري، فذاك الحفظ مطلوب لهما "معا" وكذلك مطلوب أن "يلاحظا" معا حين السعي إلى هذا الحفظ فإن حفظ الضروري إنما يتم بملاحظة ما يتممه من الحاجي والتحسيني، وكذلك حفظ الحاجي لا يتحقق كماله إلا بحفظ خادمه التحسيني. وبيان ذلك أن كل واحد من هذه المراتب لما كانت مختلفة في تأكد الاعتبار فالضروريات آكدها ثم تليها الحاجيات والتحسينات وكان بعضها مرتبطا ببعض كان في إبطال الأخف جرأة على ما هو آكد منه ومدخل للإخلال به، فصار الأخف كأنه حمي للآكد، والراتع حول الحمي يوشك أن يقع فيه، فالمخل بما هو مكمل كالمخل بالمكمل من هذا الوجه. ومثل ذلك الصلاة، فإن لها مكملات وهي هنا سوى الأركان والفرائض. ومعلوم أن المخل بها متطرق للإخلال بالفرائض والأركان، لأن الأخف طريق إلى الأثقل. ومما يدل على ذلك ما في الحديث من قوله عليه السلام كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه وفي الحديث: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده وقول من قال إني لأجعل بيني وبين الحرام سترة من الحلال ولا أحرمها. وهو أصل مقطوع به متفق عليه، ومحل ذكره القسم الثاني من الكتاب فالمتجرئ على الأخف بالإخلال به معرض للتجرؤ على ما سواه. فكذلك المتجرئ على الإخلال بها يتجرأ على الضروريات. فإذًا قد يكون في إبطال الكماليات بإطلاق، إبطال الضروريات بوجه ما. ومعنى ذلك أن يكون تاركا للمكملات ومخلا بها بإطلاق، بحيث لا يأتي بشيء منها كان نزرا، أو يأتي بجملة منها إن تعددت، إلا أن الأكثر هو المتروك والمخل به، ولذلك لو اقتصر المصلي على ما هو فرض في الصلاة لم يكن في صلاته ما يستحسن، وكانت إلى اللعب أقرب، ومن هنا يقول بالبطلان في ذلك من يقول، وكذلك نقول في البيع إذا فات فيه ما هو من المكملات كانتقاء الغرر والجهالة أو شك أن لا يحصل للمتعاقدين أو لأحدهما مقصود، فكان وجود العقد كعدمه بل قد يكون عدمه أحسن من وجوده، وكذلك سائر النظائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>