تحكيم العقول في الأحكام الشرعية وهو أمر باطل، وبذلك فإنه لابد أن يكون الدليل المطلوب هنا دليلا نقليا أو يقتضيه النقل، "و" الدليل "إن يكن منتميا" أي منسوبا "للسمع" دليلا سمعيا - نقليا - بأن كان نصوصا شرعية "فـ" إنه "ليس بالمفيد" المقتضي "حكم القطع" الذي هو المطلوب - هنا - وإن كان متواترا، "إذ قد مضى في" المقدمة الثالثة أن "المتواترات" سندا لا تفيد القطع كما هو ظاهر، إذ قد ثبت "وقوفها" أي أنها موقوفة في إفادتها القطع "على مقدمات" عشر، كل واحدة منها "ظنية في "شأن "نقلها" وروايتها، "و" كذلك في ثبوت "أصلها" أي كونها أصلا تبنى عليه فروعه، فإن ذلك إنما ثبت بأدلة ظنية وبذلك "فما عليها وقفة" ووجوده لا يكون إلا ظنيا "كمثلها" لأن الموقوف على الظني لا بدّ أن يكون ظنيا. وهذه المقدمات هي: نقل اللغات. وآراء النحو، وعدم الاشتراك، وعدم المجاز، وعدم النقل الشرعي، أو العادي، وعدم الإضمار، وعدم التخصيص للعموم، وعدم التقييد للمطلق، وعدم الناسخ، وعدم التقديم والتأخير، وعدم المعارض العقلي. وجميع ذلك أمور ظنية. "و" إذا ثبت هذا علم أن الدليل النقلي لا يطلب منه القطع في هذا الشأن، وإن كان متواترا وبذلك فإنه لا يمكن دليل ثبوت تلك الأصول على قطع "وإنما دليل ما تقررا" من أن الشارع قاصد المحافظة على القواعد الثلاثة - المقاصد الثلاثة - هو "ما قد مضى" ذكره في المقدمة الثالثة من قبل "ذا" أي هذا الموضوع الذي نحن فيه "مقررا" مثبتا هناك بالأدلة الدالة عليه.
"و" الدليل المذكور "هو اقتناص" يعني أخذ واستخراج "الحكم" المطلوب هنا - وهو أن الشارع قاصد المحافظة على الأصول المذكورة على قطع - واستنباطه "من أدلة" شرعية مبثوثة "في جملة" أبواب الفقه و"التشريع مستقلة" في مواضعها، فهي لا ترجع إلى باب واحد وإنما أبوابها مختلفة، ولأنها تقتضي هذا الحكم الذي هو