للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٩٣ - وَهْوَ عَلَى فُنُونِهِمْ قَدِ اشْتَمَلْ … مِنْ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ أَوْ ضَرْبِ الْمَثَلْ

٨٩٤ - غَيْرَ مَنَاحِي الشِّعْرِ وَاتِّزَانِهِ … فَإِنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ شَأْنِهِ

٨٩٥ - وَمُقْتَضَى مَكَارِمِ الْأخْلَاقِ … تَمَّمَهَا الشَّرْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ

٨٩٦ - وَخُوطِبُوا بِهَا فِي الأوَّليَّة … فَجُلُّهَا فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّة

" وهو "لم يأت بما لا يعرفون ولا عهد لهم به من أساليب وفنون في الكلام، وإنما هو "على فنونهم" وأساليبهم الجاري عليها كلامهم "قد اشتمل" واحتوى، "من" نحو "مقتضى" - بفتح الضاد - أي ما تقتضيه "الحكمة" - وهي الإصابة من القول، والفعل - من سداد ورشد وصلاح حال "أو ضرب المثل" للاعتبار، والتفكر، قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧)} [الزمر: ٢٧] فجاء القرآن على مجاري أساليبهم وسبل تعابيرهم كلها "غير مناحي" - جمع منحى - وهو المقصد هنا أي مقاصد ومرامي "الشعر واتزانه" أي وما هو عليه من وزن وإيقاع "فإنه" أي القرآن "منزه" أي مبعد، "عن شأنه" لأنه ليس مبنيا على أصل صحيح، ولكنه هيمان وذهاب على غير رشد في الكلام، لأنه قول لا يصدقه فعل. قال - تعالى -: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)} [الشُعَرَاء: ٢٢٦ - ٢٢٤] وهذا مناف لما جاءت به الشريعة إلا ما استثنى الله - تعالى - في قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [الشُّعَرَاء: ٢٢٧]. ولما كان الشعر بهذه المنزلة برأ الله - سبحانه - هذه الشريعة منه فقال - عز وجل -: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)} [يسَ: ٦٩ - ٧٠]. وقال - سبحانه -: {أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧)} [الصَّافات: ٣٦ - ٣٧].

"و" أما ما يرجع إلى "مقتضى مكارم الأخلاق" كالجود، وإكرام الضيف، والذود عن الجار، والوفاء بالعهد وما جرى مجرى ذلك فإنه قد "تممها" وبلغ بها الدرجة التي سمت بها عما كانت عليه "الشرع على الإطلاق" فلم يلغ منها شيئا مما يعد من مكارم الأخلاق حقيقة "و" قد "خوطبوا بها" يعني خوطبوا بالتمسك بها وإتيانها والتحلي بها "في" المرحلة، "الأولية" من نزول الوحي وبعثة الرسول، ولذلك "فجلها" أي جل هذه المكارم، ورد الخطاب بها "في السور المكية" التي نزلت قبل الهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>