" و" ربما "بعمومات" أي بنصوص عامة "على" هذه "الدعوى" الباطلة "استدل" وذلك كقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعَام: ٣٨]"وذاك" استدلال باطل، لأنه استدلال بلفظ على معنى لا يشمله، ولا يدل عليه بدليل أنه "لو كان" معنى "صحيحا" مقصودا مما استدل به عليه "لنقل" عن السلف الصالح الخوض فيه، فالصحابة والتابعون ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه؛ وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شيء من المدعى، ولو كان في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدل على أصل المسألة إلا أن ذلك لم يكن، فدل أنه غير موجود عندهم. وأما الآيات المستدل بها على هذه الدعوى فالمراد بها عند المفسرين ما يتعلق بحال التكليف والتعبدات، أو المراد في قوله تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعَام: ٣٨] اللوح المحفوظ (١).
و"كما استدل" بما ذكر من الآيات على تضمن القرآن لجميع العلوم مما لا يعرفه العرب استدل كذلك "بفواتح السور" فإنها مما لا عهد للعرب به فهم لا طاقة لهم بفهم المراد بها، وهذا دليل إثبات أن القرآن قد تضمن من المعارف والعلوم ما لا عهد للعرب به ولا طاقة لهم بفهمه، فبطل مدعى من ذهب إلى أن القرآن لا يتضمن العلوم إلا ما للعرب به، ولهم طاقة على فهمه، وقد استدل بهذا - فواتح السور - على هذا الأمر "من اقتفى" أي اتبع "علم الحروف" وطلب معانيها "واعتبر" ما تدل عليه، وبنى الحكم عليه. وفي هذا يقول الشاطبي - لا دليل فيه على ما ذكر، وذلك أن العرب لهم بمدلولات الحروف معرفة كعدد الجمل الذي تعرفوه من أهل الكتاب حسبما ذكره أصحاب السير أو هي من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله - تعالى - وغير ذلك، وأما تفسيرها بما لا عهد به، فلا يكون، ولم يدّعه أحد ممن تقدم، فلا دليل فيها على ما ادعوه وما ينقل عن علي أو غيره في هذا لا يثبت. فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لا يصح أن ينكر منه ما يقتضيه. ويجب الاقتصار - في الاستعانة على فهمه - على كل ما يضاف علمه إلى العرب خاصة، فبه يوصل إلى علم