" و" أما من يرى صحة الأخذ للأحكام الشرعية من هذه الجهة فإنه يقول: مستدلا على صحة رأيه هذا "كونها" أي هذه الجهة التبعية "من اللسان العربي" الذي يشمل ما دل بالجهة الأولى وما دل بالجهة الثانية "يدل أن أخذها" أي هذه الحكام "منها" أي من هذه الجهة مسلك "اجتبى" أي اختير، ورجح "و" يزاد على هذا أن "أخذ أهل العلم في" بناء "أحكام" شرعية - فقهية - "بمقتضاها" وما تدل علمِه، مسلك "واضح" بين "الإعلام" أي العلامات التي ترشد فيه، والمعالم الذي يهتدى بها في المضي فيه.
والأحكام المبنية على ما ذكر كثيرة، وذلك "مثل أقل مدة الأحمال" للنساء وهو ستة أشهر، فإنه حكم مأخوذ "من مقتضى" ودلالة النص القرآني الوارد في "التعيين" والتبيين "لـ" وقت وزمان "الفصال" - بكسر الفاء - وهو الفطام، يقال فصلت المرأة ولدها فصالا، أي أفطمته، وذلك النص هو قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] مع قوله سبحانه: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمَان: ١٤] فالمقصد في الآية الأولى بيان الأمرين جميعا من غير تفصيل. ثم بين في الثانية مدة الفصال قصدا، وسكت عن بيان مدة الحمل وحدها قصدا، فلم يذكر لها مدة. فلزم من ذلك أن أقلها ستة أشهر. قال ابن كثير عند تفسير لهذه الآية: وقد استدل علي - رضي الله عنه - بهذه الآية مع التي في لقمان {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمَان: ١٤] وقوله تبارك وتعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البَقَرَة: ٢٣٣] على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوي صحيح. ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -.
ومن الأحكام المأخوذة من هذه الجهة - كذلك - أن أكثر مدة الحيض خمسة عشرة يوما. وهو مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام:"النساء ناقصات عقل ودين فقيل له وما ناقصات دينهن؟ " قال تمكث إحداكن شطر دهرها لا تصلي - وفي ثبوت هذا الحديث بهذا اللفظ نظر - والمقصود الإخبار بنقصان دينهن، لا الإخبار بأقصى مدة الحيض، ولكن لزم منه أن يكون أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما،