لموافقة الشارع في ذلك وإنما كان هذا العمل صحيحا وحقا لأنه قد أتى به من طريقه الموضوع له ووافق فيه صاحبه قصد الشارع. فكان كله صوابا وهو ظاهر. "و" أما "ما" من الأعمال "به" يعني فيه "يمتزج" يختلط "الأمران" وَهما اعتبار الجهة الشرعية والجهة الأخرى - جهة الهوى - معا، بحيث يصير معمولا بهما فيه "فها هنا" في هذا الموضع قد حصل "لـ" هذا "الفعل مقصدان" متعارضان، وهما المقصد لموافقة الشرع، والمقصد إلى إتباع الهوى.
وبذلك فإنه قد يصار في هذا المقام إلى الترجيح بين هذين المقصدين.
والمعتصم به في ذلك هو أن الحكم للغالب منهما الأقوى في الدفع إلى ذلك الفعل، والسابق منهما للآخر.
"فإن يك السابق" منهما في نية العامل هو "أمر الشارع" بحيث يكون قصده نيل غرضه من الطريق المشروع، "و" بذلك يكون "مقصد الهوى له كالتابع" الملغى اعتباره "فذاك" العمل الذي على هذه الصورة عمل صحيح، "لا إشكال في لحاقه بـ" القسم "الثاني" وهو ما كان المتبع فيه مقتضى الشرع خاصة، وإنما كان ملحقا به "إذ جرى على وفاقه" وذلك لأن طلب الحظوظ والأغراض لا ينافي وضع الشريعة من هذه الجهة، لأن الشريعة موضوعة - أيضا - لمصالح العباد، فإذا جعل الحظ تابعا، فلا بأس على العامل.
"لاكن" إنما يصح ذلك "بشرط أن يكون ما تبع" أي ذلك القصد التابع "لنيل" وتحصيل "مثل ذلك القصد" يعني ذلك الأمر المقصود، وهو ذلك الحظ قد "شرع" وذلك بأن يكون ذلك الوجه الذي حصل أو يحصل به غرضه مما تبين أن الشارع شرعه لتحصيل ذلك الغرض، وإلا فليس السابق فيه أمر الشارع، وبيان هذا الشرط مذكور في المسألة الثانية من القسم الثاني من قسمي الأحكام.