للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١١٥ - وَتَعْظُمُ الطَّاعَةُ مَهْمَا قُصِدَتْ … وَيَعْظُمُ الإِثْمُ إِذَا مَا خُولِفَتْ

العامل مع هذا التحري إنما قصده تلبية أمر الشارع إما بعد فهم ما قصد وإما لمجرد امتثال الأمر وعلى كل تقدير فهو قاصد ما قصده الشارع وإذا ثبت أن قصد الشارع أعم المقاصد وأولها وأنه نور صرف لا يشوبه غرض ولا حظ كان المتلقي له على هذا الوجه آخذا له زكيا وافيا كاملا غير مشوب ولا قاصر عن مراد الشارع فهو حري أن يترتب الثواب فيه للمكلف على تلك النسبة (١).

فصل في قاعدة أخرى تبنى على ذلك - رعاية المكلف للمقاصد الشرعية الأصلية في العمل - "و" تلك القاعدة هي: أن هذه المقاصد "تعظم الطاعة مهما" أي إن "قصدت" وتحريت من جهة المكلف الآتي بها - أي بتلك الطاعة - "و" كذلك "يعظم الإثم" والمعصية "إذا ما خولفت" بأن أُتِي بالعمل على خلافها.

أما الأول: فلأن العامل على وفقه عامل على الإصلاح لجميع الخلق والدفع عنهم على الإطلاق لأنه إما قاصد لجميع ذلك بالفعل وإما قاصر نفسه على امتثال الأمر الذي يدخل تحت قصده كل ما قصده الشارع بذلك الأمر وإذا فعل جوزي على كل نفس أحياها وعلى كل مصلحة عامة قصدها ولا شك في عظم هذا العمل ولذلك كان من أحيا النفس فكأنما أحيا الناس جميعا وكان العالم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء بخلاف ما إذا لم يعمل على وفقه فإنما يبلغ ثوابه مبلغ قصده لأن الأعمال بالنيات فمتى كان قصده أعم كان أجره أعظم، ومتى لم يعم قصده لم يكن أجره إلا على وزان ذلك وهو ظاهر.

وأما الثاني فإن العامل على مخالفتها عامل على الإفساد العام وهو مضاد للعامل على الإصلاح العام وقد مر أن قصد الإصلاح العام يعظم به الأجر فالعامل على ضده يعظم به وزره ولذلك كان على ابن آدم الأول كفل من وزر كل من قتل النفس المحترمة لأنه أول من سن القتل وكان من قتل النفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها (٢).


(١) الموافقات/ ج ٢/ ص ١٥٦.
(٢) الموافقات/ ج ٢/ ص ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>