للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يكون مرسلا بذلك الحكم الخاص إلى الناس جميعا وذلك باطل فما أدى إليه مثله بخلاف الصبيان والمجانين ونحوهم ممن ليس بمكلف فإنه لم يرسل إليه بإطلاق ولا هو داخل تحت الناس المذكورين في القرآن فلا اعتراض به وما تعلق بأفعالهم من الأحكام المنسوبة إلى خطاب الوضع فظاهر الأمر فيه (١).

"و" ثانيها: "الإجماع" أي إجماع علماء الأمة المتقدمين على ذلك من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولذلك صيروا أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة للجميع في أمثالها وحاولوا فيما وقع من الأحكام على قضايا معينة وليس لها صيغ عامة أن تجري على العموم إما بالقياس أو بالرد إلى الصيغة أن تجري على العموم المعنوي أو غير ذلك من المحاولات بحيث لا يكون الحكم على الخصوص في النازلة الأولى مختصا به وقد قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [الأحزاب: ٣٧] الآية فقرر الحكم في مخصوص ليكون عاما في الناس وتقرر صحة الإجماع لا يحتاج إلى مزيد لوضوحه عند من زاول أحكام الشريعة (٢).

"و" ثالثها: دليل "اللزوم" وذلك أنه لو جاز خطاب البعض ببعض الأحكام حتى يخص بالخروج عنه بعض الناس لجاز مثل ذلك في قواعد الإسلام أن لا يخاطب بها بعض من كملت فيه شروط التكليف بها وكذلك في الإيمان الذي هو رأس الأمر وهذا باطل فما لزم عنه مثله ولا أعني بذلك ما كان نحو الولايات وأشباهها من القضاء والإمامة والشهادة والفتيا في النوازل والعرافة والنقابة والكتابة والتعليم للعلوم وغيرها فإن هذه الأشياء راجعة إلى النظر في شرط التكليف بها وجامع الشروط في التكليف القدرة على المكلف به فالقادر على القيام بهذه الوظائف مكلف بها على الإطلاق والعموم ومن لا يقدر على ذلك سقط التكليف عنه بإطلاق كالأطفال والمجانين بالنسبة إلى الطهارة والصلاة ونحوها فالتكليف عام لا خاص من جهة القدرة أو عدمها لا من جهة أخرى بناء على منع التكليف بما لا يطاق وكذلك الأمر في كل ما كان موهما للخطاب الخاص كمراتب الإيغال في الأعمال ومراتب الاحتياط على الدين وغير ذلك (٣).


(١) الموافقات ٢/ ١٨٦.
(٢) الموافقات ٢/ ١٨٧.
(٣) الموافقات ٢/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>