فصل في بيان الفائدة الثالثة المبنية على ما ذكر "و" هي أنه لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر وبشر، وأنذر وتصرف في ذلك بمقتضى الخوارق من الفراسة الصادقة والإلهام الصحيح، والكشف الواضح، والرؤيا الصالحة فإن "كل من خص بنيل" وإدراك مأثرة - بضم الثاء المثلثة - وهي لغة المكرمة المذكورة المتوارثة. والمراد بها هنا الكرامة الخارقة "من هذه المآثر" المذكورة - الخوارق - "معتبرة" شرعا وقوله المعتبرة هو وصف لبيان الوقع وليس للاحتراز "فكان" ذلك المخصوص بهذه المأثرة "فيها" يعني في العمل بها يهتدي "بالرسول" - صلى الله عليه وسلم - و"يقتدي" به "في" التحذير والتبشير للناس، وندبهم إلى الخير بها، وذلك "في"سبيل "هدى" أي إرشاد "مستهد" أي طالب هداية "وردع" أي زجر وقمع "معتد" ظالم فهو شخص "ليس بخارج عن" الحكم "المشروع" بل هو على سبيل الهدى ماض فإظهاره ذلك لتلك الغاية ليس من باب العجب والتباهي، وإظهار الصلاح، وإنما هو مسلك شرعي تجلب به المصلحة المذكورة "دليله" أي دليل صحة هذا الذي ذكر يؤخذ "من جهة الوقوع" أي وقوع ذلك من الصحابة. فإنهم عملوا بمثل ذلك من الفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي كقول أبي بكر: وإنما هما أخواك أو أختاك.
وقول عمر: يا سارية الجبل، فاعمل بالنصيحة التي أنبأ بها الكشف ونهيه لمن أراد أن يقص على الناس، وقال أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا.
وقوله لمن قص عليه رؤياه: أن الشمس والقمر رآهما يقتتلان فقال مع أيهما كنت؟ قال مع القمر قال كنت مع الآية الممحوة لا تلي عملا أبدا.
ويكثر نقل هذا عن السلف الصالح ومن بعدهم من العلماء والأولياء نفع الله بهم.