على أنها دائمة غير مختلفة إلى قيام الساعة كالإخبار عن السماوات والأرض وما بينهما، وما فيهما من المنافع، والتصاريف، والأحوال، وإن سنة الله لا تبديل لها، وأن لا تبديل لخلق الله، كما جاء بإلزام الشرائع على ذلك الوزان أيضا.
"و" يزاد "مع ذا" أي هذا الدليل دليل آخر وهو أنه "لولا" أن "اطراد العادة" وجريانها على سنتها التي خلقت عليها، أمر معلوم لما عرف الدين من أصله، فضلا عن أن تعرف فروعه وبذلك "لم تظهر" ولم تحصل "المعجزة المرادة" أي المقصودة "لـ" أجل إثبات "صدق" من أرسل "بالتشريع" ومن اتصف بالنبوة وبأنه يوحى إليه "وذاك" وهو عدم اطراد العوائد وما يبنى عليه، أمر "غير مقتضى" وموجب "الوقوع" بل ما يقتضيه الواقع ويدل عليه هو اطراد العادات وجريانها، وثبوت المعجزة بإنخراقها وهذا معلوم بالحس والتجربة والنصوص الشرعية.
فإن قيل هذا معارض بما يدل على أن اطراد العوائد غير معلوم بل إن كان فمظنون والدليل على ذلك أمران:
أحدهما أن استمرار أمر في العالم مساو لابتداء وجوده لأن الاستمرار إنما هو بالإمداد المستمر والإمداد ممكن أن لا يوجد كما أن استمرار العدم على الموجود في الزمن الأول كان ممكنا فلما حصل أحد طرفي الإمكان مع جواز بقائه على أصل العدم فكذلك وجوده في الزمان الثاني ممكن وعدمه كذلك فإذا كان كذلك فكيف يصح مع إمكان عدم استمرار وجوده العلم باستمرار وجوده هل هذا إلا عين المحال.
والثاني أن خوارق العادات في الوجود غير قليل بل ذلك كثير ولا سيما ما جرى على أيدي الأنبياء عليهم السلام من ذلك وكذلك ما انخرق للأولياء من هذه الأمة وفي الأمم قبلها من العادات والوقوع زائد على مجرد الإمكان فهو أقوى في الدلالة فإذا لا يصح أن يكون مجارى العادات معلومة البتة (١).