للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٣٣ - وَمَا الْوُصُولُ لِلْمُغَيَّبَاتِ … بِمَانِعِ الْجَرْى مَعَ الْعَادَاتِ

١٢٣٤ - وَفِي رَسُولِ اللهِ وَهْوَ الْقُدْوَهْ … وَصَحْبِهِ لِلْمُهْتَدِينَ أُسْوَهْ

١٢٣٥ - إِذْ لَبِسَ الْمِغْفَرَ لِلتَّوَقِّي … مَعْ كَوْنِهِ الْمَعْصُومَ بَيْنَ الْخَلْقِ

١٢٣٦ - وَمُقْتَضَى حُكْمِ قَضِيَّةِ الْخَضِرْ .... أَنْ غَيْرُ شَرْعِنَا بِهِ قَدِ اعْتُبِرْ

يحكم بمقتضاه، بل يحكم بالبينات المذكورة، وإن عارضت ما حصل على سبيل المكاشفة، "وما" أي ليس "الوصول" والإدراك "للمغيبات بمانع الجري" والمضي "مع" مقتضيات "العادات" وموجباتها، لأن هذا السبيل - وهو العمل بمقتضى العادات - هو الذي بنيت عليه الشريعة ولم يستثن من ذلك صاحب كشف، ولا غيره.

"وفي رسول الله" - صلى الله عليه وسلم - "وهو القدوة" والعلم المهتدى به على كل حال، "و" كذلك في "صحبه للمهتدين" بهديه المقتفين لأثره "أسوة" - بضم الهمزة وكسرها - أي قدوة في هذا الشأن، فإنه - عليه الصلاة والسلام - كان مجريا أمره على مقتضى العوائد، "إذ" كان يأتي الأسباب العادية ومن ذلك أنه "لبس المِغفر" - بكسر الميم وسكون الغين وفتح الفاء بعدها راء - وهو زرد من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة في الحرب، - لبسه صلى الله عليه وسلم -، في الحرب "للتوقّي" وللحفظ ولدرء ضرر ما قد يصيبه "مع كونه" - عليه الصلاة والسلام - "المعصوم" المحفوظ من الأذى والضرر "بين الخلق" لقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] ولا غاية وراء هذا ومع ذلك فإنه كان - عليه الصلاة - يتحصن ويتوقى بما به التحصن والتوقي عادة كالمغفر والدرع ولم يكن ذلك نزولا عن رتبته العليا إلى ما دونها، بل ما أتاه هو الأعلى.

"و" أما "مقتضى حكم" ومفاد "قضية" وقصة "الخضر" وهو الحكم بالعلم بالمغيبات فإنه يقرر على "أنْ" - بفتح الهمزة وسكون النون - "غير شرعنا به" يعنى فيه "قد اعتبر" ذلك وعمل به، وأما في شرعنا، فإنه غير معتبر، ولا معتد به، والدليل على ذلك أنه لا يجوز في هذه الملة لولي، ولا لغيره ممن ليس بنبي أن يقتل صبيا ما لم يبلغ الحلم، وإن علم أنه طبع كافرا، وإنه لا يؤمن أبدا، وإنه إن عاش أرهق أبويه طغيانا وكفرا، وإن أذن له من عالم الغيب في ذلك، لأن الشريعة قد قررت الأمر والنهي، وإنما الظاهر في تلك القصة أنها وقعت على مقتضى شريعة أخرى،

<<  <  ج: ص:  >  >>