أغراضهم الفاسدة. "و" مثل ذلك "ما أتى شأن أهل السبت" الذين قال الله - تعالى - فيهم: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦)} [البقرة: ٦٥ - ٦٦] وذلك أنهم احتالوا الاصطياد في السبت بصورة الاصطياد في غيره" (١).
"و" كذلك ما جاء في شأن "من جرى مجراهم" أي مجرى هؤلاء المحتالين على انتهاك محارم بتعاطي الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام "من" كل من صار من أهل "مقت" الله - تعالى - وغضبه. وفي سياق الحديث في هذا الأصل أورد الشاطبي أمثلة أخرى من هذا الصنف فقال: "وقال تعالى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا}[البقرة: ٢٣١] إلى قوله {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}[البقرة: ٢٣١] وفسرت بأن الله حرم على الرجل أن يرتجع المرأة يقصد بذلك مضارّتها، بأن يطلقها ثم يمهلها حتى تشارف انقضاء العدة ثم يرتجعها ثم يطلقها حتى تشارف انقضاء العدة وهكذا لا يرتجعها لغرض له فيها سوى الإضرار بها وقد جاء في قوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا}[البقرة: ٢٢٨] إلى قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة: ٢٢٩] إن الطلاق كان في أول الإسلام إلى غير عدد فكان الرجل يرتجع المرأة قبل أن تنقضي عدتها ثم يطلقها ثم يرتجعها كذلك قصد فنزلت {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة: ٢٢٩] ونزل مع ذلك {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا}[البقرة: ٢٢٩] الآية فيمن كان يضار المرأة حتى تفتدى منه وهذه كلها حيل على بلوغ غرض لم يشرع ذلك الحكم لأجله وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ}[النساء: ١٢] يعنى بالورثة بأن يوصي بأكثر من الثلث أو يوصي لوارث احتيالا على حرمان بعض الورثة وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}[النساء: ٦] وقوله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}[النساء: ١٩] الآية إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى. ومن الأحاديث قوله عليه الصلاة والسلام "لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة فهذا نهي عن الاحتيال لإسقاط الواجب أو تقليله وقال لا ترتكبوا ما ارتكبت
(١) وهذه القصة مبسوطة في كتب التفسير فلتراجع هناك.