سَيِّئًا} [التوبة: ١٠٢] لأنهما إذا تلازما في الخارج فكان أحدهما للوصف الثاني لم يكن العمل الصالح صالحا فلم يكن ثم خلط عملين بل صار عملا واحدا إما صالحا وإما سيئا ونص الآية يبطل هذا.
وكذلك جريان العوائد في المكلفين فدل ذلك على أن المقصود هو ما يصدق عليه عمل في الذهن لا في الخارج.
ولصاحب الثاني أن يقول أن الأمور الذهنية مجردة من الأمور الخارجية لا تفعل وما لا يفعل لا يكلف به أما أن ما لا يفعل لا يكلف به فواضح. وأما أن الأمور الذهنية لا تفعل مجردة فهو ظاهر أيضًا أما في المحسوسات فكالإنسان مثلا، فإن ماهيته المعقولة المركبة من الحيوانية والنطقية لا تثبت في الخارج. لأنها كلية حتَّى تتخصص، ولا تتخصص حتَّى تتشخص، ولا تتشخص حتَّى تمتاز عن سواها من المتشخصات بأمور أخر. فنوع الإنسان يلزمه خواص كلية هي له أوصاف كالضحك، وانتصاب القامة، وعرض الأظفار، ونحوها، وخواص شخصية وهي التي امتاز بها كل واحد من أشخاص الإنسان عن الآخَر، ولولا ذلك لم يظهر الإنسان في الخارج البتة.
فقد صارت إذا الأمور الخارجة العارضة لازمة لوجود حقيقة الإنسان في الخارج وأما في الشرعيات فكالصلاة مثلا فإن حقيقتها المركبة من القيام والركوع والسجود والقراءة وغير ذلك لا تثبت في الخارج إلا على كيفيات وأحوال وهيئات شتى. وتلك الهيئات محكمة في حقيقة الماهية حتَّى يحكم عليها بالكمال أو النقصان، والصحة والبطلان وهى متشخصات وإلا لم يصح الحكم على صاحبها بشيء من ذلك، إذ هي في الذهن كالمعدوم. وإذا كان كذلك فالاعتبار فيها بما وقع في الخارج، وليس إلا أفعالا موصوفة بأمور خاصة لازمة، وأمور على خلاف ذلك. وكل مكلف مخاطب في خاصة نفسه بها فهو إذا مخاطب بما يصح له أن يحصله في الخارج، فلا يمكن ذلك إلا باللوازم الخارجية فهو إذا مخاطب بها لا بغيرها. وهو المطلوب. فإن حصلت بزيادة وصف أو نقصانه فلم تحصل إذا على حقيقتها بل على حقيقة أخرى. والتي خوطب بها لم تحصل بعد فإن قيل فيشكل معنى الآية إذا وهو قوله {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا}[التوبة: ١٠٢] وأيضا فإن الصلاة قد تحصل بزيادة أو نقصان وتصح مع