للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٠٣ - وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي مِقِدَارِ … مَا هُوَ مِنْهُ فِي الْوُقُوعِ جَارِ

١٧٠٤ - وَهْوَ إِلَى الْقِلَّةِ ذُو انْتمَاءِ … بِالنَّصِّ وَالْبَحْثِ وَالاسْتِقْرَاءِ

" وإنما ينظر في "شأن "مقدار ما" أي الذي "هو منه في" مجرى "الوقوع جار" هل هو قليل أم كثير؟

"وهو "- أي التشابه المذكور - "إلى القلة" في الوقوع والوجود لا الكثرة "ذو" أي صاحب "انتماء" أي انتساب، وهذا حكم تابت "بـ"ـأمور:

أحدها: "النص" الصريح، وذلك كقوله - تعالى -: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عِمرَان: ٧] فقوله في المحكمات {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عِمرَان: ٧] يدل أنها المعظم والجمهور وأم الشيء معظمه وعامته كما قالوا أم الطريق بمعنى معظمه وأم الدماغ بمعنى الجلدة الحاوية له الجامعة لأجزائه ونواحيه والأم أيضا الأصل ولذلك قيل لمكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها والمعنى يرجع إلى الأول فإذا كان كذلك فقوله تعالى {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عِمرَان: ٧] إنما يراد بها القليل (١).

"و" ثانيها مقتضى "البحث" والنظر في هذا الشأن فإن المتشابه لو كان كثيرا لكان الالتباس والإشكال كثيرا، وعند ذلك لا يطلق على القرآن أنه بيان وهدى كقوله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨)} [آل عِمرَان: ١٣٨] وقوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البَقَرَة: ٢] {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النّحل: ٤٤] وإنما نزل القرآن ليرفع الاختلاف الواقع بين الناس والمشكل الملتبس إنما هو إشكال وحيرة لا بيان وهدى لكن الشريعة إنما هي بيان وهدى فدل على أنه ليس بكثير ولولا أن الدليل أثبت أن فيه متشابها لم يصح القول به لكن ما جاء فيه من ذلك فلم يتعلق بالمكلفين حكم من جهته زائد على الإيمان به وإقراره كما جاء وهذا واضح (٢).

"و" ثالثها "الاستقراء" فإن المجتهد إذا نظر في أدلة الشريعة جرت له على قانون النظر واتسقت أحكامها وانتظمت أطرافها على وجه واحد كما قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هُود: ١] وقال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ


(١) الموافقات ٣/ ٧١.
(٢) الموافقات ٣/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>