الأخلاق المذمومة كالكذب والإفتراء والظلم، والفحشاء، والقول بغير علم، والتطفيف في الميزان والمكيال، والفساد في الأرض، وغير ذلك مما كان عليه أهل الجاهلية من سيء الأخلاق، والأعمال.
"ثم" بعد هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - "أتت لذاك" الذي تقرر بمكة من الأصول متممات "بالمدينة" المنورة و"مكملات" له "تقتضي" وتفيد "تبيينه" وتوضيحه، وذلك "عند اتساع خطة" بالضم - أي أمر - وبالكسر - دار "الإسلام وأُنْسِ" - بضم الهمز وسكون النون - أي ارتياح وطمأنينة "من كلف بالأحكام" جريا على ما بنيت عليه الشريعة من المضي في سبيل التدرج. ومن تلك المكملات التي شرعت ما هو من العبادة، ومنها ما هو من مكارم الأخلاق وضبط الحدود والمعاملات، وذلك "كالصوم" الذي فرض في السنة الثانية من الهجرة قبل وقعة بدر "والتحديد للحدود" التي تحفظ الأمور الضرورية، وما يكملها وما يحسنها "والحج" الذي فرض - على القول المختار عند الجمهور - سنة ست بعد الهجرة، لأنه نزل فيها قوله - تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البَقَرَة: ١٩٦]. وهذا مبني على أن الإتمام يراد به الفرض. ويؤيد هذا قراءة علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي:{وَأَقِيمُوا}[التور: ٥٦] ورجح ابن القيم أن افتراض الحج كان سنة تسع أو عشر.
"والوفاء بالعقود" أي العهود، الوارد في قوله - تعالى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المَائدة: ١] في صدر سورة المائدة التي هي آخر سورة نزلت - على ما روي عن عائشة رضي الله - تعالى - عنها ومن ذلك الذي نزل بالمدينة - أيضا - تحريم المسكرات، كما روي في الصحيحين وغيرهما. وغير ذلك مما يعد تكميلا للأصول الكلية الشرعية.
و"لأجل ذا" الذي تقرر من الفرق بين حال ما هو مكي وحال ما هو مدني من الأحكام والنصوص الشرعية كان "ما" أي الذي من الجزئيات "حكمه" الشرعي "قد ارتفع" أي نسخ "معظمه في" النص الشرعي "المدني قد" جاء و "وقع" لما اقتضته