للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٦٢ - كَقَوْلِهِ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ … إِلَى نُصُوصٍ غَيْرِهِ لَا تَشْتَبِهْ

١٧٦٣ - فَإذْ وكَانَتِ الأُصُولُ الأُوَلُ … ثَابِتَةً لَمْ تَنْتَسِخْهَا الْمِلَلُ

" كقوله" سبحانه بعد ذكر كثير من الأنبياء - عليهم السلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] "إلى نصوص غيره" أي غير هذا النص، وهي "لا تشتبه" في دلالتها على هذا الأمر ومن ذلك قوله - تعالى -: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣] وقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥] وقال بعد ذكر كثير من الأنبياء عليهم السلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] وقال تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} [المائدة: ٤٣] الآية، وكثير من الآيات أخبر فيها بأحكام كلية كانت في الشرائع المتقدمة وهي في شريعتنا، ولا فرق بينهما، وقال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨]، وقال في قصة موسى عليه السلام: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} [طه: ١٤] وقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣].

وقال: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: ١٧] الآيات في منع الإنفاق وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] إلى سائر ما في ذلك من معاني الضروريات وكذلك الحاجيات فإنا نعلم أنهم لم يكلفوا بما لا يطاق هذا وإن كانوا قد كلفوا بأمور شاقة فذلك لا يرفع أصل اعتبار الحاجيات ومثل ذلك التحسينيات فقد قال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: ٢٩] وقوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] يقتضي بظاهره دخول محاسن العادات من الصبر على الأذى والدفع بالتي هي أحسن وغير ذلك. وأما قوله {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨] فإنه يصدق على الفروع الجزئية وبه تجتمع معاني الآيات والأخبار (١). "فـ "ــتقرر بهذا أن هذه الكليات مراعى حفظها في كل الشرائع والملل و "إذا" تقرر هذا وثبت "وكانت الأصول الأول" المذكورة "ثابتة" على الدوام "لم تنتسخها" أي لم تزلها "الملل" يعني لم يزل اعتبار حفظها ومراعاته بتغير


(١) الموافقات ٣/ ٩٧ - ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>