" لاكن له" أي لهذا الاجتماع والتوارد ما ينبغي أن يذكر في شأنه "من بعد" ذكر حكمه المتقدم - الجواز - وهو أنه له "صورتان" اثنتان "إحداهما" وهي "كثيرة الإتيان" والمجيء في الشريعة "وذاك" هو "ما" يكون "الأمر به" أي فيه واردا حكمه "للجملة" - اللام بمعنى على - أي على الجملة أي ذات المأمور به، "و" يكون "النهي" فيه واردا حكمه "للوصف" يعني على الوصف "الذي قد حله" أي حل ما ذكر من الجملة، فاتصفت به وذلك "كالصوم يوم العيد" والصلاة بحضرة الطعام، والبيع المقترن بالغرر، أو الجهالة "والصلاة في حال مكروه" منهي عنه "من الأوقات" كبعد صلاة العصر، وبعد صلاة الصبح، والغش والخديعة في البيوع. وما أشبه ذلك مما ورد فيه الأمر على ذات المأمور به بتمامها، والنهي على وصف يرد عليها. هذه هي الصورة الأولى.
"وأما" الصورة التي هي "ثانية" فإنها التي "بعكس" هـ "ذا التصور" المذكور أي الصورة المذكورة وعكسه هو أن يكون النهي للجملة - ذات الفعل - والأمر لوصف من أوصافها، وذلك "كالأمر" الوارد من الشارع "للعاصين بالتستر" في حال تلبسهم بالعصيان، قال - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله" وكاتباع الحسنة السيئة لقوله - عليه الصلاة والسلام -: "واتبع الحسنة السيئة تمحها" وقوله - تعالى -: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}[النِّسَاء: ١٧]، وأشباه ذلك. "فـ" أما "الأول" وهو الأمر إلى الجملة والنهي إلى شيء من أوصافها فإنه قد "استقر" بحثه والنظر في شأنه، وبث الحكم في أمره "في" علم "الأصول" - أصول الفقه -، وذلك في مسألة "هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه" أو "هل النهي يقتضي الفساد"، وبذلك فإنه لا حاجة إلى إعادة الكلام عليه وعلى حكمه هنا.
"و" أما "حكم" الذي هو "ثان" من ذلك فإنه يعلم من معنى كلامهم في ذاك الأول وما قرروه فيه، فإنه "منه ذو حصول" وإدراك له منه.