للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٤٤ - فَلَيْسَ مِنْ عُلُومِهِ وَالْمُدَّعِي … لِذَاكَ مُبْطِلٌ وَغَيْرُ مُتْبَعِ

٢٣٤٥ - سَواءًا اسْتُفِيدَ مِنْهُ أَوْ بِهِ … كَمَنْ نِكَاحُ التِّسْعِ مِنْ مَذْهَبِهِ

هذا اللّسان "فـ" إنّه "ليس من علومه" أي القرآن في شيء على الإطلاق "و" المنحرف عن العمل بمقتضى هذه الحقيقة - القاعدة - "المدّعى لذاك" وهو أنّه يستخرج من القرآن من المعاني ما لا يجري على وفق اللّسان العربي هو مفتر و"مبطل" أي آت بالباطل، "و" بذلك فهو "غير متبّع" فيما يصدر منه، بل لا مبالاة به على الإطلاق، "سواء" كان ذلك ممّا ادَّعى أنه "استفيد منه" أي من ظاهر ألفاظ القرآن "أو "كان ممّا ادّعى أنّه استفيد "به" أي بالقرآن وذلك "كمن "من أهل الكلام قال بجواز "نكاح" وتزوّج "التّسع" من النّسوة على وجه الجمع بينهنّ، وكان هذا في هذا الشّأن "من مذهبه" مستدلا بقوله - تعالى -: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النِّسَاء: ٣]. ولا يقول مثل هذا من فهم وضع العرب في مثنى وثلاث ورباع.

ومن أمثلة هذا الفصل ما ادعاه من لا خلاق له من أنّه مسمى في القرآن كبيان بن سمعان حيث زعم أنه المراد بقوله تعالى {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عِمرَان: ١٣٨] الآية وهو من التُّرَّهات بمكان مكين، والسكوت على الجهل كان أولى به من هذا الافتراء البارد. ولو جرى له على اللسان العربي لعدّه الحمقى من جملتهم ولكنه كشف عوار نفسه من كلّ وجه. عافانا الله، وحفظ علينا العقل والدين بمنه وإذا كان بيانٌ في الآية علما له فأي معنى لقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} كما يقال هذا زيد للناس ومثله في الفحش من تسمى بالكسف ثم زعم أنه المراد بقوله تعالى وإن يروا كسفا من السماء ساقطا الآية فأي معنى يكون للآية على زعمه الفاسد؟ كما تقول وإن يروا رجلا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وبيان بن سمعان هذا هو الذي تنسب إليه البيانية من الفرق وهو فيما زعم ابن قتيبة أول من قال بخلق القرآن والكِسف هو أبو منصور الذي تنسب إليه المنصورية، وحكى بعض العلماء أن عبيد الله الشيعي المسمى بالمهدي حين ملك إفريقية واستولى عليها كان له صاحبان من كتامة ينتصر بهما على أمره وكان أحدهما يسمى بنصر الله والآخر بالفتح فكان يقول لهما أنتما اللذان ذكركما الله في كتابه فقال إذا جاء نصر الله والفتح قالوا وقد كان عمل ذلك في آيات من كتاب الله تعالى فبدل قوله كنتم خير أمة أخرجت للناس بقوله كتامة خير أمة أخرجت للناس ومن كان في عقله لا يقول مثل هذا لأن المتسميين بنصر الله والفتح المذكورين إنما وجدا بعد مئين من السنين

<<  <  ج: ص:  >  >>