بيانه من النصوص الشرعية "و" هذا "الأمر" والحكم المقرر في هذا الضرب والمثبت "فيه واضح" الوجه بيّن "السّبيل" والمجرى النظري فيه "و" بذلك فهو "غير محتاج إلى دليل" يدل عليه، وإنما كان على هذا الظهور والوضوح لأمور:
أحدها أن الكتاب لا بد من القول فيه ببيان معنى واستنباط حكم وتفسير لفظ وفهم مراد ولم يأت جميع ذلك عمن تقدم فإما أن يتوقف دون ذلك فتتعطل الأحكام كلها أو أكثرها وذلك غير ممكن لا بد من القول فيه بما يليق.
والثاني أنه لو كان كذلك للزم أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم مبينا ذلك كله بالتوقيف فلا يكون لأحد فيه نظر ولا قول والمعلوم أنه عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك فدل على أنه لم يكلف به على ذلك الوجه بل بين منه ما لا يوصل إلى علمه إلا به وترك كثيرا مما يدركه أرباب الاجتهاد باجتهادهم فلم يلزم في جميع تفسير القرآن التوقيف.
والثالث أن الصحابة كانوا أولى بهذا الاحتياط من غيرهم وقد علم أنهم فسروا القرآن على ما فهموا ومن جهتهم بلغنا تفسير معناه والتوقيف ينافي هذا فإطلاق القول بالتوقيف والمنع من الرأي لا يصح.
والرابع أن هذا الفرض لا يمكن لأن النظر في القرآن من جهتين من جهة الأمور الشرعية فقد يسلم القول بالتوقيف فيه وترك الرأي والنظر جدلا ومن جهة المآخذ العربية وهذا لا يمكن فيه التوقيف والإلزام ذلك في السلف الأولين وهو باطل فاللازم عنه مثله وبالجملة فهو أوضح من إطناب فيه (١).
"و" أما الضرب الثاني فإنه الرأي الذي هو "غير ذا" المذكور، والذي يخالفه في كونه غير جار على موافقة اللسان العربي أو كونه غير موافق للأدلة الشرعية، وهذا الضرب "يعد في" الرأي "المذموم" شرعا وعلى لسان أهل العلم "وهو مراد" ومعنى "مقتضى" ودلالة "العموم" الذي تفيده لفظة الرأي في كلام من يذم الرأي ويعده افتراء