الله - صلّى الله عليه وسلّم - ومثل هذا عن ابن مسعود: من عرض له منكم قضاء فليقض بما في كتاب الله، فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به نبيّه - صلّى الله عليه وسلّم -. وعن ابن عبّاس أنّه كان إذا سئل عن شيء فإن كان في كتاب الله قال به، وإن لم يكن في كتاب الله وكان عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال به. وهو كثير في كلام السلف والعلماء. ثم إن الكتاب مقطوع به من جهة الثبوت والسنة مظنونة الثبوت، والقطع فيها إنما يصح في الجملة لا في التفصيل بخلاف الكتاب فإنه مقطوع به في الجملة والتفصيل والمقطوع به مقدم على المظنون فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة.
"و" يزاد "مع ذا" الذي تقدّم ذكره دليل آخر وهو أنّ السنّة مفسرة للكتاب "فهي له مبيّنة" وموضحة للمراد منه "و" معلوم أنّ "ما أبين" أي وضح وفسر هو "سابق" طبعا ووضعا "ما بيّنه" من الكلام المفسِّر والقول الشارح له، فالمبيِّن - بالكسر - تابع للمبيَّن - بالفتح - فهو ثان عليه في الاعتبار، إذ يلزم من سقوط المبين - بالفتح - سقوط البيان، ولا يلزم من سقوط البيان سقوط المبيَّن، وما شأنه هذا فهو أولى في التقدّم، "وذا" الوصف الذي توصف به السنّة - وهو البيان المذكور - هو "المراد بقضاء السنّة عليه" أي الكتاب "في"الكلام "المنقول للأئمة" وأهل العلم، فقضاء السنّة على الكتاب ليس بمعنى تقديمها عليه واطّراح الكتاب، بل إنّ ذلك المعبّر في السنّة هو المراد في الكتاب، فكأنّ السنّة بمنزلة التّفسير والشرح لمعاني أحكام الكتاب ودل على ذلك قوله {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النّحل: ٤٤] فإذا حصل بيان قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما بأن القطع من الكوع وأن المسروق نصاب فأكثر من حرز مثله فذلك هو المعنى المراد من الآية لا أن نقول إن السنة أثبتت هذه الأحكام دون الكتاب كما إذا بين لنا مالك أو غيره من المفسرين معنى آية أو حديث فعملنا بمقتضاه فلا يصح لنا أن نقول إنا عملنا بقول المفسر الفلاني دون أن نقول عملنا بقول الله أو قول رسوله عليه الصلاة والسلام وهكذا سائر ما بينته السنة من كتاب الله تعالى فمعنى