للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موضوع)، وقال جماعة: لم يكن ابن مسعود مع النَّبيِّ ليلةَ الجنِّ (١). وقال الطَّبراني: (أحاديث الوضوء بالنَّبيذ وُضعت على أصحاب ابن مسعود عند ظهور العصبيَّة) (٢)، قال عبد الحق: (لا يصحُّ منها شيء)، وقال الطَّحاوي: (إنَّما ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى الوضوء بالنَّبيذ اعتمادًا على حديث ابن مسعود، ولا أصل له) (٣).

ثم شرع في بيان القسم الثَّاني المختلف فيه، فقال: (فَإِنْ غَيَّرَ) أي: الطَّاهرُ، سواء كان: مَذْرُورًا كالزَّعفران والأُشْنان، أو حُبوبًا كالبَاقِلَّاء والحِمِّص؛ (أَحَدَ أَوْصَافِهِ) والمذهب: أو أكثرها، (لَوْنِهِ) - واختُلف في لون الماء على أقوال، وذهب جماعة: أنَّه لا لون له، ورُدَّ بقوله عن ماء الحوض: «أشدُّ بياضًا من اللَّبنِ» (٤) - (أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ)؛ فهو طاهر غير مطهِّر في رواية نصَّ عليها، اختارها الخِرَقِي (٥)، وأبو بكر في «الشافي» (٦)،


(١) منهم الإمام أحمد كما في مسائل حرب بتحقيق فايز حابس ٣/ ١٢٧٤، وسؤالات الأثرم ص ٤٣.
(٢) ينظر: التحقيق لابن الجوزي ١/ ٥٧.
(٣) ينظر معناه: شرح معاني الآثار ١/ ٩٥، وقد ذكر فيه أن أبا يوسف خالف أبا حنيفة، فقال: (وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة ، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يتوضأ بنبيذ التمر، ومن لم يجد غيره تيمم، ولا يتوضأ به. وممن ذهب إلى هذا القول أبو يوسف).
(٤) أخرجه مسلم (٢٣٠٠)، والترمذي (٢٤٤٥)، من حديث ثوبان ، وروي من حديث جماعة من الصحابة، وأحاديث الحوض من الأحاديث المتواترة.
(٥) قال في الروايتين والوجهين ١/ ٥٩: (ونقل الصاغاني كلامًا يدل على أنه لا يجوز الوضوء به، وهو اختيار الخرقي، وهو أصح).
والخرقي: هو عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم، شيخ الحنابلة في وقته، تفقه على والده الحسين المسمى بخليفة المروذي، له المختصر في الفقه، المعروف بمختصر الخرقي، توفي سنة ٣٣٤ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ٧٥، سير أعلام النبلاء ١٥/ ٣٦٣.
(٦) هو أبو بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد البغدادي، المشهور بغلام الخلال، كان متسع الرواية مشهورًا بالديانة، من مصنفاته: تفسير القرآن، والشافي، والتنبيه في الفقه، وزاد المسافر، توفي سنة ٣٣٦ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١١٩، المقصد الأرشد ٢/ ١٦٢.