للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو حفص في «المقنع» (١)، والقاضي، وقال: هي المنصورة عند أصحابنا؛ لأنَّه تغيَّر بمخالطة طاهر يمكن صونُه عنه، أشبه ما لو تغيَّر بطبخ، ولأنَّه لو وكل في شراء ماءٍ لم يلزمه قبوله، والنُّصوص إنَّما وردت في الماء المطلق العاري عن القيود؛ بدليل صحَّةِ النَّفي، ولو حلف لا يشرب ماء فشرب ماء الزَّعفران؛ لم يحنث.

وكلامه دالٌّ على أنَّه لا فرق في التَّغَيُّر بين الأوصاف الثَّلاثة؛ لأنَّ الأصحاب سوَّوا بينهم؛ قياسًا لبعضها على بعض (٢).

وفي أخرى: مُطهِّر، نقلها أبو الحارث والميموني، وذكر في «الكافي» أنَّها أكثر الرِّوايات عنه؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النِّسَاء: ٤٣]، وهو عامٌّ في كلِّ ماء؛ لأنَّه نكرة في سياق النَّفي، فلم يَجُز التَّيمُّم عند وجوده، ولأنَّه لم يسلبْه اسمَه ولا رِقَّته، أشبَه المتغيِّر بالدهن.

وفي ثالثة: طَهور مع عدَمٍ، قاله ابن أبي موسى (٣).

والأوَّل أصحُّ؛ لأنَّه إن لم يسلبه اسمَه فقد سلبه الإطلاق، والقياس على المتغيِّر بالدُّهن لا يصحُّ؛ لأنَّه تغيَّر عن مجاورة، وهذا تغيَّر عن مخالَطة.


(١) هو عمر بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حفص العكبري، يعرف بابن المسلم، معرفته بالمذهب المعرفة العالية، له التصانيف السائرة، مثل: المقنع، وشرح الخرقي، والخلاف بين أحمد ومالك، وغير ذلك من المصنفات، وكلها مفقود، كانت أكثر ملازمته لأبي عبد الله بن بطة، وصحب أبا إسحاق بن شاقْلا، توفي سنة ٣٨٧ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٦٣.
(٢) زاد في (أ) و (ب): (لكن الخِرَقِي شرط الكثرة في الرَّائحة دون غيرها، قال ابن حمدان: وهو أظهر؛ لسرعة سِرايتها ونُفوذها) وقد ضرب عليها في الأصل.
(٣) هو القاضي محمد بن أحمد بن أبي موسى، أبو علي الهاشمي، إليه انتهت رئاسة المذهب، صحب أبا الحسن التميمي من الأصحاب، له من المصنفات: الإرشاد إلى سبيل الرشاد، وشرح الخرقي، توفي سنة ٤٢٨ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٨٢.