للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبيه: إذا غيَّر وصفين أو ثلاثة؛ فذكر القاضي روايتين:

إحداهما: مُطهِّر؛ لأنَّ الصَّحابة كانوا يسافرون، وغالبُ أسقيتهم الأَدَم، وهي تغيِّر أوصاف الماء عادة، ولم يكونوا يتيمَّمون معها.

والثَّانية: ليس بمطهِّر على الأشهر؛ لأنَّه غلب على الماء (١)؛ أشبه ما لو زال اسمُه.

(أَوِ اسْتُعْمِلَ) وكان دون القلَّتين، جزم به في «المحرر» و «الوجيز»، (فِي رَفْعِ حَدَثٍ)؛ أيَّ حدث كان، فهو طاهِرٌ؛ «لأنَّ النَّبيَّ صبَّ على جابر من وضوئه» رواه البخاري (٢)؛ غير مُطَهِّر في رواية، وفي «الكافي»: إنَّها الأشهر، وذكره ابن شهابٍ (٣) ظاهِرَ المذهب؛ لقول النَّبيِّ : «لا يَغتسلنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم وهو جُنُبٌ»، رواه مسلم من حديث أبي هريرة (٤)، ولولا أنَّه يفيد منعًا لم ينهَ عنه، ولأنه أزال به مانعًا من الصَّلاة؛ أشبَهَ ما لو أزالَ به النَّجاسة، أو استُعملَ في عبادة على وجه الإتلاف؛ أشبه الرَّقبة في الكفَّارة.

وفي أخرى: مطهِّر، اختارها ابن عَقِيل (٥) وأبو البقاء؛ لما روى ابنُ عبَّاس


(١) قوله: (الماء) سقطت من (أ).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٤)، ومسلم (١٦١٦)، من حديث جابر .
(٣) هو الحسن بن شهاب بن الحسن بن شهاب، أبو علي العُكبري، لازم أبا عبد الله ابن بطة إلى حين وفاته، له مصنفات في الفقه، والفرائض، والآداب، توفي سنة (٤٢٨ هـ). ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٨٦، المقصد الأرشد ١/ ٣٢٠.
(٤) أخرجه مسلم (٢٨٣)، من حديث أبي هريرة ، واتفقا عليه بذكر النهي عن البول، كما في البخاري (٢٣٩) ومسلم (٢٨٢)، ولفظه لمسلم: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه»، وللبخاري: «الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه».
(٥) هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد البغدادي، الظفري، أبو الوفاء، أحد الأئمة الأعلام، تفقه على القاضي وغيره، وله الكثير من المصنفات، منها: الفنون، والفصول في الفقه، ويسمى كفاية المفتي، والمناظرات، والمفردات، وعمد الأدلة، والمنثور، والتذكرة، وغيرها، توفي سنة ٥١٣ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٤٣، ذيل الطبقات ١/ ٣١٦.