للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرفوعًا: «الماء لا يَجْنُب» رواه أحمد وغيره، وصحَّحه التِّرمذي (١)، لأنَّه ماء طاهر لاقى أعضاءً طاهرةً (٢)؛ فلم يسلبْه الطَّهوريَّة، أشبَه ما لو تبرَّد به.

وفي ثالثة: نجِس، نصَّ عليه في ثوب المتطهِّر (٣)؛ لأنَّه «نهى عن الغُسل في الماءِ الدَّائِمِ»، «ونهى عن البول فيه»، ولا شكَّ أنَّ البول يُنَجِّسه، فكذا الغسل، ولأنَّه أزال مانعًا من الصَّلاة، أشبه إزالة النَّجاسة.

قال جماعة: وعليها يُعفى عمَّا قَطَر على يدي المتطهِّر وثوبه، ويستحبُّ غسله في رواية.

وفي أخرى: لا، صحَّحه (٤) الأزَجِي والشَّيخ تقي الدِّين (٥).

والأُولى أصحُّ؛ لأنَّ رفع الحدث لا يقاس على إزالة النَّجَس؛ لما بينهما من الفرق، وبأنَّه يكفي اشتراكهما في أصل المنع من التَّطهير به، ولا يلزم اشتراكهما في التَّنجيس، قاله في «الشرح».

وقال أبو الفَرَج (٦): (ظاهر كلام الخِرَقِي أنَّه طَهور في إزالة الخبث)، وفيه نظرٌ.


(١) أخرجه أحمد (٢١٠٢)، وأبو داود (٦٨)، والترمذي (٦٥)، وابن خزيمة (٩١)، وابن حبان (١٢٤٨)، من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس ، واللفظ الذي ذكره المصنف لفظ أبي داود والترمذي، ولفظ أحمد: «إن الماء لا ينجسه شيء»، قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي، وفيه سماك بن حرب وروايته عن عكرمة مضطربة، لكن روى عنه شعبة وذلك مما يقوي أمرها، قال ابن حجر: (وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم)، وللحديث شواهد تقويه. ينظر: البدر المنير ١/ ٣٩٥، الفتح ١/ ٣٠٠، الإرواء ١/ ٦٤.
(٢) في (أ): طاهر.
(٣) ينظر: الفروع ١/ ٧١.
(٤) في (أ): صححها.
(٥) ينظر: الفروع ١/ ٧١.
(٦) المراد به هنا: ابن أبي الفهم، وهو عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد المنعم بن محمد بن حمد بن سلامة، ابن أبي الفهم، الحراني، أبو الفرج، شيخ حران ومفتيها، توفي سنة ٦٣٤ هـ. ينظر: ذيل الطبقات ٣/ ٤٤١، المقصد الأرشد ٢/ ١٥٩.