للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأباح في «التَّلخيص» تناول الميتة للضَّرورة.

ولو عصى في سفره المباحِ لم يَمنَع التَّرخُّصَ؛ كارتكابها في الحضر (١) لا يمنعه.

ومن (٢) نقل سفرَه المباحَ إلى معصيةٍ؛ لم يترخَّص في الأصحِّ؛ لزوال سببه.

وإن نقل سفرَ المعصية إلى مباح، وقد بقِي مسافة قَصْرٍ؛ قَصَرَ في الأصحِّ؛ لأنَّ وجودَ ما مضى من (٣) سفره كعدَمه.

مسألة: إذا سافَر لزيارة القبور والمشاهد، فقال ابن عَقِيلٍ وصاحبُ «التَّلخيص»: لا يُباح له التَّرخُّصُ (٤)؛ لقوله: «لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلاَّ لثلاثةِ مساجدَ» متَّفقٌ عليه (٥).

وقال المؤلِّف: الصَّحيح جوازُه، والحديثُ محمولٌ على نفي الفضيلة.

وقال ابن المنَجَّى: السَّفرُ المكروهُ؛ كزيارة القبور والمشاهد؛ ملحَق بالسَّفر المحرَّم، وفيه نَظرٌ.

واختَلف كلامُ الحُلْوانيِّ؛ هل السَّفرُ لزيارة النَّبيِّ أو الوالدين واجِبٌ، أو طاعةٌ كزيارته ؟

لكنْ قال أبو محمَّدٍ الجُوَيْنِيُّ: يَحرُم الشَّدُّ إلى غَير المساجد الثَّلاثة، نقله النَّوويُّ (٦)، وذَكَر الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: يَجِب (٧) السَّفرُ المنذورُ إلى المشاهِدِ.


(١) قوله: (الحضر) سقط من (أ).
(٢) في (و): ولو.
(٣) في (أ): في.
(٤) في (ز): الرخص.
(٥) أخرجه البخاري (١١٨٩)، ومسلم (١٣٩٧).
(٦) ينظر: شرح مسلم ٩/ ١٠٦.
(٧) كتب على هامش (و): (لعله: لا يجب).
والصواب: أن شيخ الإسلام ذكره ذلك وجهًا في المذهب لا اختيارًا، كما في الفروع ٥/ ١٥٦، قال: (وحكى شيخنا وجهًا: يجب السفر المنذور إلى المشاهد، ومراده والله أعلم: اختيار صاحب الرعاية).
ويدل لذلك ما قرره شيخ الإسلام من تحريم السفر لتلك المشاهد، قال في مجموع الفتاوى ٢٧/ ٨: (ولو نذر السفر إلى قبر الخليل ، أو قبر النبي ، أو إلى الطور الذي كلَّم الله عليه موسى ، أو إلى جبل حراء الذي كان النبي يتعبد فيه وجاءه الوحي فيه، أو الغار المذكور في القرآن، وغير ذلك من المقابر والمقامات والمشاهد المضافة إلى بعض الأنبياء والمشايخ، أو إلى بعض المغارات أو الجبال: لم يجب الوفاء بهذا النذر باتفاق الأئمة الأربعة؛ فإن السفر إلى هذه المواضع منهي عنه). وينظر: الرد على الإخنائي ١/ ١٩٥، مجموع الفتاوى ٢٧/ ٢٠، الإنصاف ٧/ ٥٨٧.