للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأوَّلُ أَوْلى؛ لأنَّه مسافة تجمع مشقَّة السَّفر من الحلِّ والعقد (١)، فجاز القصر فيه كغيره.

قال المؤلِّفُ: (والحجَّةُ مع من أباح القصرَ لكلِّ مُسافِرٍ، إلاَّ أنَّ الإجماع انعقد على خلافه) (٢).

(فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً إِلَى رَكْعَتَيْنِ)، ولا قصر في المغرب والفجر إجماعًا، حكاه ابن المنذِر (٣)؛ لأنَّ الفجر لو قُصرت صارت ركعةً، ولا نظير لذلك في الفرض، والمغربُ وتر النَّهار، فلو قُصر منها ركعةٌ؛ لم تَبقَ وترًا، وركعتان كان إجحافًا بها، وإسقاطًا لأكثرها، ولا نظير لها في الفرض.

(إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ أَوْ خِيَامَ قَوْمِهِ)؛ لأنَّ الله تعالى جوَّز القصرَ لمن ضَرب في الأرض، وقبل مُفارَقةِ ما ذُكر لا يكون ضاربًا ولا مسافرًا، ولأنَّ (٤) ذلك أحدُ طرفي السَّفر، أشبه حالة الانتهاء، و «لأنَّه كان يَقصُر إذا ارتحل» (٥).

فعلى هذا: يَقصُر إذا فارَق بيوتَ قريته العامرة (٦)، بشرْط أن لا يَرجِع، أو لا يَنوِي الرُّجوعَ قريبًا، فإن فعل؛ لم يترخَّص حتَّى يرجع ويفارقه، ولو لم ينوِ الرُّجوع لكن بدا له لحاجة؛ لم يترخَّص بعد نيَّة عَوده حتَّى يفارِقَه ثانيًا.

وقيل: والخراب، كما لو ولِيه عامِرٌ، وقال أبو المعالي: أو جعل مزارع


(١) قوله: (والعقد) سقط من (أ) و (ز) و (و).
(٢) عبارة المغني ٢/ ١٩٠، والشرح الكبير ٥/ ٤١: (إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه).
(٣) ينظر: الأوسط ٤/ ٣٣١، الإجماع ص ٤١.
(٤) في (و): لأن.
(٥) مراده كما في الشرح الكبير (٥/ ٤٥)، ما أخرجه البخاري (١٠٨٩)، عن أنس بن مالك ، قال: «صليت الظهر مع النبي بالمدينة أربعًا، وبذي الحليفة ركعتين»، وبوَّب عليه البخاري قوله: (باب يقصر إذا خرج من موضعه).
(٦) قوله: (العامرة) سقط من (أ).