للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن قال في «الشَّرح»: المستحَبُّ أن يؤخِّر الأولى عن أوَّل وقتها شيئًا، قال أحمدُ: يَجمَع بينهما إذا اختلط الظَّلام أو غاب الشَّفق، فعله ابنُ عمرَ (١).

(وَلِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ):

الأوَّلُ: (نِيَّةُ الجَمْعِ) في الأَشهَر، قال القاضي (٢) وغيرُه: هو المذهبُ؛ لأنَّه عمَلٌ، فيدخل في عموم قوله: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات» (٣)، (عِنْدَ إِحْرَامِهَا) على المذهب؛ لأنَّ كلَّ عبادةٍ اشتُرِطتْ فيها النِّيَّةُ؛ اعتُبِرتْ في أوَّلها؛ كنيَّةِ الصَّلاة.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ تُجْزِئَهُ النِّيَّةُ قَبْلَ سَلَامِهَا)، هذا قولٌ، وصحَّحه ابنُ الجَوزيِّ؛ لأنَّ مَوضِعَ الجمع عند الفراغ من الأُولى إلى الشُّروع في الثَّانية، فإذا لم تتأخَّر النِّيَّةُ عنه؛ أجزأه (٤).

وقيل: تُجزِئه بعد سلام الأُولى قبل إحرام الثَّانية.

وقيل: محلُّ النِّيَّة عند إحرام الثَّانية، لا قبلَه ولا بعدَه.

وعلى الأُولى: لا تجب في الثَّانية، وهو الأَشهَر.

(وَ) الثَّاني: الموالاةُ، وهو (أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا) فُرقةً طويلةً؛ لأنَّ معنى الجمعِ المتابَعةُ والمقارَنةُ، ولا يحصل ذلك مع التَّفرُّق الطَّويل، وسواءٌ جَمعَ في وقت الأُولى أو الثَّانية على الأشهَر.

وقيل: يَسقُط بالنِّسيان، قدَّمه ابن تميمٍ؛ لأنَّ إحداهما هنا تَبَعٌ لاستقرارها؛ كالفوائت.


(١) ينظر: المغني ٢/ ٢٠٥. وأثر ابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة (٧٢٦٧)، وابن المنذر (١١٥٧) من طرق عن نافع قال: «كانت أمراؤنا إذا كانت ليلة مطيرة أبطؤوا بالمغرب، وعجَّلوا بالعشاء قبل أن يغيب الشفق، فكان ابن عمر يصلي معهم لا يرى بذلك بأسًا» وإسناده صحيح.
(٢) قوله: (القاضي) سقط من (أ).
(٣) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٤) كتب على هامش (و): (قال في الإنصاف: وقيل: لا تشترط النية في الجمع، اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين، وتقدم ذكره في الفصل قبله).