للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: يُتِمُّونها جمعةً، حكاه ابنُ حامِدٍ وأبو بكرٍ والقاضي، وذكر ابن الجَوزيِّ: أنَّه الصَّحيحُ من «المذهب»، وذكره في «الرِّعاية» نَصًّا (١)، وقياسًا على بقيَّة الصَّلوات.

ورُدَّ: بالحديث السَّابق، وبأنَّ الفرق بينها وبين سائر الصَّلوات ثابِتٌ في كثيرٍ من الأحكام، فيَمتنِع القياسُ.

فلو دخل وقتُ المغرب وَهُمْ فيها، فقيل كذلك، وقيل: تَبطُل؛ لأنَّ وقت المغرب ليس وقتًا لها، وقت العصر ووقت الظُّهر التي الجمعة بدَلُها.

فعلى المذهب: لو بقِيَ من الوقت قدر الخُطبة والتَّحريمة؛ لزمهم فعلُها، وإلاَّ لم يَجُز، وكذا يَلزَمهم إن شَكُّوا في خروجه؛ عملاً بالأصل.

(الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِقَرْيَةٍ يَسْتَوْطِنُهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا)؛ «لأنَّه كتب إلى قُرى عُرينةَ أن يُصلُّوا الجمعةَ» (٢)، و «أسْعدُ بن زُرارةَ جمَّع بهم بِهَزْم النَّبِيت» (٣)، ولأنَّ القرية المبنيَّة بما جرت به العادةُ يستوطنها العددُ.

فدلَّ على أنَّها لا تصحُّ من أهل الخيام وبيوت الشعر والخركاوات (٤)؛


(١) كتب على هامش (د): (وهو المذهب، بشرط إحرام الأربعين قبل خروج الوقت).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٥٨٥٤)، مرسلاً عن الزهري قال: «بعث النبي إلى قرى عُرينة وفدك وينبع ونحوها من القرى مسيرة ثلاثة أيام من المدينة؛ أن يجمعوا ويشهدوا العيدين»، ومراسيل الزهري من أوهى المراسيل كما قال جمع من الأئمة منهم ابن القطان وابن معين، وفيه راوٍ مبهم، وقال الشافعي: (وقد يروى من حيث لا يثبت أهل الحديث أن رسول الله جمع حين قدم المدينة بأربعين رجلاً وروي أنه كتب إلى أهل قرى عُرينة أن يصلوا الجمعة والعيدين). ينظر: الأم ١/ ٢١٩، شرح علل الترمذي ١/ ٥٣٥.
(٣) أخرجه أبو داود (١٠٦٩)، وابن ماجه (١٠٨٢)، وابن خزيمة (١٧٢٤)، وابن حبان (٧٠١٣)، والحاكم (١٠٣٩)، والدارقطني (١٥٨٥)، والبيهقي في الكبرى (٥٦٠٦)، وصححه جماعة من الأئمة.
(٤) قال في صبح الأعشى ٢/ ١٤٦: (الخركاه: بيت من خشب مصنوع على هيئة مخصوصة، ويغشّى بالجوخ ونحوه، تحمل في السفر لتكون في الخيمة للمبيت في الشتاء لوقاية البرد).