للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومَن بَعُد منزلُه؛ سعَى في وقتٍ يدركها كلَّها إذا علم حضور العدد، بعد طلوع الفجر لا قبله.

(وَيَجْلِسُ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ)؛ لِمَا روى ابنُ عمرَ قال: «كان النَّبيُّ يخطُبُ خُطبتَين وهو قائمٌ، يَفصِلُ بينهما بجلوسٍ» متَّفقٌ عليه (١)، وكجلسته الأولى، ويستحبُّ تخفيفها، قال في «التَّلخيص»: بقدر سورة الإخلاص.

وعنه: يجب الجلوس بينهما، اختاره النجاد؛ لفعله (٢).

والأوَّلُ أصحُّ؛ لأنَّ جماعةً من الصَّحابة، منهم عليٌّ (٣)، سَرَدوا الخُطبة من غير جلوسٍ، ولأنَّه ليس فيها ذِكرٌ مشروعٌ، فلم يَجِب كالأولى.

(وَيَخْطُبُ قَائِمًا)، نَصَّ عليه (٤)، واختاره الأكثرُ، لفعله (٥)، ولأنَّه ذِكْرٌ ليس من شرطه الاستقبال، فلم يَجِب له القيامُ كالأذان.

وعنه: يَجِب مع القدرة، جزم به في «النَّصيحة»، وبالجلوس بينهما، وقال الطَّحاويُّ عن قول الشَّافعيِّ (٦): (لم يَقُله غيره) (٧)، وليس كذلك.


(١) هذا اللفظ الذي ذكره المصنف: أخرجه النسائي (١٤١٦)، وابن خزيمة (١٤٤٦)، والدارقطني (١٦٣٠)، ولفظ البخاري (٩٢٠)، ومسلم (٨٦١): «كان النبي يخطب قائمًا، ثم يقعد، ثم يقوم كما تفعلون الآن»، ولعل المصنف تبع في عزوه عبد الغني المقدسي في العمدة حيث عزاه للصحيحين، وأشار ابن حجر في الفتح أن هذا وهمٌ. ينظر: فتح الباري ٢/ ٤٠٦.
(٢) سبق تخريجه قريبًا.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٥٢٦٧)، وابن أبي شيبة (٥١٨١)، والشافعي في اختلاف العراقيين الملحق بالأم (٧/ ١٧٦)، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: «رأيت عليًّا يخطب على المنبر، فلم يجلس حتى فرغ»، وإسناده صحيح.
(٤) ينظر: المغني ٢/ ٢٢٤.
(٥) أخرجه البخاري (٩٢٠)، ومسلم (٨٦١) من حديث ابن عمر .
(٦) قول الشافعي هو: أنَّ الخطبة جالسًا لا تصح إلا من عذر، وأنه يشترط القيام في الخطبتين والجلوس بينهما. ينظر: الأم ١/ ٢٢٩، الحاوي ٢/ ٤٣٣.
(٧) ينظر: الحاوي ٢/ ٤٣٣.