للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجاسة بول الكلب، وهو لا يُنَجِّسُها، فهذا أَوْلَى.

(وَالْأُخْرَى: يَنْجُسُ)، نصَّ عليه في رواية صالح والمَرُّوذِي وأبي طالب (١)، اختارها الخِرَقِي والشَّريف والقاضي وابن عَبْدوس وأكثر شيوخ أصحابنا؛ لما روى أبو هريرة: أنَّ النَّبيَّ قال: «لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم (٢) الذي لا يجري ثمَّ يغتسلُ فيه»، لفظ البخاري، وقال مسلم: «ثم يغتسل منه»، وهذا يتناول القليل والكثير، وهو خاص في البول، وخبر القُلَّتين محمول على بقيَّة النَّجاسات، فحصل الجمع بينهما.

(إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لِكَثْرَتِهِ؛ فَلَا يَنْجُسُ)، هذا مستثنًى ممَّا سبق، وهو الماء إذا كان كثيرًا ووقعت فيه نجاسة ولم يتغيَّر؛ فهو طاهر.

واستُثني من ذلك: ما إذا كانت النَّجاسة بولًا أو عذِرَةً مائعةً؛ فإنَّه ينجس على المذهب وإن لم يتغيَّر، ما لم يبلغ الماء حدًّا يشقُّ نَزْحُه.

قال في «الشرح»: (لا نعلم خلافًا أنَّ الماء الذي لا يمكن نَزْحه إلَّا بمشقَّةٍ عظيمةٍ؛ مثل المصانع التي جُعِلتْ مَوْرِدًا للحاجِّ بطريق مكَّة يصدرون عنها ولا ينفَدُ ما فيها؛ أنَّها لا تَنْجُس إلَّا بالتَّغيير).

قال في «المُغني»: (لم أجد عن أحمد ولا عن (٣) أصحابه تقدير ذلك بأكثر من المصانع التي بطريق مكَّة)، وقال الشيرازي: (المحقِّقون من أصحابنا يقدِّرونه ببئر بضاعة، وهي ستَّة أشبار في مثلها)، قال أبو داود:


(١) ينظر: مسائل صالح ١/ ٣٠١، سنن الأثرم ١/ ٢٤٣، الروايتين والوجهين ١/ ٦١.
(٢) في (أ) و (و): الراكد.
(٣) زاد في (أ): أحد من.