للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زاد في «الشرح»: إلَّا أنَّ ما يُعفى عن يسيره كالدَّم، حكم الماء الذي تنجَّس به حكمه في العفو عن يسيره.

(وَإنْ كَانَ كَثِيرًا) ولم يتغيَّر بالنَّجاسة؛ (فَهُوَ طَاهِرٌ) بغير خلاف في المذهب، ما لم يكن بولَ آدمي أو عَذِرَتَه؛ لخبر القُلَّتين وبئر بُضاعةَ.

وذهب هـ (١) وأصحابُه (٢) إلى نجاسته إلَّا أن يَبلغ حدًّا يغلب على الظَّنِّ أنَّ النَّجاسة لا تصل إليه، واختُلف فيه فقيل: ما إذا حُرِّك أحدُ طرَفيه لم يتحرَّك الآخَر، وقيل: عشرة أذرع في مثلها، وما دون ذلك فهو قليل وإن بلغ ألف قُلَّة.

(إِلَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ بَوْلاً)؛ أي: بولَ آدمي بقرينة ذكر العَذِرة؛ فإنَّها مختصَّة به، ولا فرق بين قليله وكثيره، وخصَّ في «التلخيص» الخلاف به فقط، وقاله أحمد في رواية صالح (٣)، (أَوْ عَذِرَةً مَائِعَةً)؛ لأنَّ أجزاءها تتفرَّق في الماء وتَنْتشر، فهي (٤) كالبول بل أفَحْشُ، والمذهب: أنَّ حكم الرَّطْبة واليابسة إذا ذابت كذلك، نصَّ عليه (٥)، قال في «الشرح» وقدَّمه في «الرعاية»: (والأَولى التَّفريق بين الرَّطْبة والمائِعةِ)؛ (فَفِيهِ رِوَايَتَانِ):

(إِحْدَاهُمَا: لَا يَنْجُسُ)، اختارها أبو الخَطَّاب وابن عَقِيل، وقدَّمه السَّامَرِّي (٦) وفي «المحرر»؛ لخبر القُلَّتين، ولأنَّ نجاسة الآدَمِيِّ لا تزيد على


(١) كتب في هامش (أ) و (و): (لعله أبو حنيفة).
(٢) ينظر: الهداية ص ٢١، حاشية ابن عابدين ١/ ١٩٢.
(٣) مسائل صالح ١/ ٢١٠.
(٤) في (أ) و (و): فهو.
(٥) في رواية حرب ١/ ١٨٢.
(٦) هو محمد بن عبد الله بن الحسين السامري، الفقيه الفرضي، أبو عبد الله، ويلقب نصير الدين، ويعرف بابن سُنَيْنَه، تفقه على أبي حكيم النهرواني ولازمه مدة، وبرع في الفقه والفرائض، وكان حسن المعرفة بالمذهب والخلاف، توفي سنة ٦١٦ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٤٤، ذيل الطبقات ٣/ ٢٤٨.
والسامري: بفتح الميم وتشديد الراء، نسبة إلى بلدة على دجلة يقال لها: سرَّ من رأى، فخففها الناس وقالوا سامراء. ينظر: الأنساب للسمعاني ٧/ ٢٨.