للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَعَنْهُ: يَطْهُرُ مِنْهَا جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ)، قال ابن حمدان: وهي أولى، ونقل جماعة أنَّها آخر قولي أحمد؛ لما روى ابن عبَّاس: أنَّ النَّبيَّ قال: «أيُّما إهاب دُبغ فقد طهُر» رواه مسلم (١)، وهو (٢) يتناول المأكول وغيره، فيخرج منه ما كان نجسًا في الحياة؛ لكون الدَّبغ إنَّما يؤثِّر في رفع (٣) نجاسةٍ حادِثةٍ بالموت، فيبقى ما عداه على مقتضى العموم.

وعنه: يطهر جلد ما هو مأكول اللحم، واختارها (٤) جماعة، وهي قول الأوزاعي وأبي ثور؛ لقوله : «ذكاةُ الأدِيم دباغُه» رواه أحمد (٥)؛ لأنَّه شبَّه الدِّباغ بالذكاة، وهي إنَّما تعمل في مأكول اللحم، فلم تؤثِّر (٦) في غير مأكولٍ كالذَّبح، والأوَّل ظاهر كلام أحمد؛ لعموم لفظه في ذلك.

وعلى هذا: هل الدِّباغ يصيِّره كالحياة؟ وهي اختيار المؤلف وصاحب «التلخيص»، فلا يطهُر منها إلَّا ما كان طاهِرًا في الحياة؛ كالهرِّ، أو كالذكاة، وهي اختيار المجد، قال بعضهم: وهي أصحُّ، فلا يطهر إلَّا ما تطهِّره الذكاة؟

وقد يخرَّج عليهما: جلد الآدمي؛ فإنَّ في طهارته - إن قيل بنجاسته -


(١) أخرجه مسلم (٣٦٦)، وأبو داود (٤١٢٣)، والترمذي (١٧٢٨)، واللفظ له.
(٢) في (و): وهذا.
(٣) قوله: (رفع) سقطت من (أ).
(٤) في (أ) و (ز): واختاره.
(٥) أخرجه أحمد (١٥٩٠٨) واللفظ له، وأبو داود (٤١٢٥)، والنسائي (٤٢٤٣)، وصححه ابن حبان (٤٥٢٢)، وفي سنده جون بن قتادة، قال أبو طالب: (سألت أحمد بن حنبل عن جون بن قتادة، فقال: لا يعرف، قلت: يروي غير هذا الحديث؟ قال: لا، يعني حديث الدباغ)، وقال ابن المديني عن الحديث: (رواه قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة، وجون معروف، وجون لم يرو عنه غير الحسن إلا أنه معروف)، وللحديث شواهد من حديث ابن عباس وغيره. ينظر: تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي ١/ ١١٣ - ١١٤.
(٦) في (و): يؤثر.