للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن مسعود: «لا تأكلوا من الجبن إلَّا ما صنع المسلمون وأهل الكتاب» رواه البيهقي (١)، وروي عن عمر وابنه مثله (٢)، ولأنَّه مائِع في وعاء نجس، أشبه ما لو حُلب في إناء نجِس.

والثَّانية: أنَّهما طاهران؛ لأنَّ الصَّحابة فتحوا بلاد المجوس، وأكلوا من جبنهم مع علمهم بنجاسة ذبائحهم (٣)؛ لأنَّ الجبن إنَّما يصنع بها، واللبن لا ينجس بالموت؛ إذ لا حياة فيه.


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٩٦٩٢)، ورواه ابن أبي شيبة (٢٤٤١٤)، عن قيس بن سكن، عن ابن مسعود قال: «لا تأكلوا من الجبن إلا ما صنع المسلمون وأهل الكتاب»، وإسناده حسن، فيه عبيد بن أبي الجعد وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات.
(٢) أما أثر عمر : فأخرجه البيهقي في الكبرى (١٩٦٩٠، ١٩٦٩١)، عن ثور بن قدامة، قال: جاءنا كتاب عمر بن الخطاب «أن لا تأكلوا من الجبن إلا ما صنع أهل الكتاب»، وفيه إبراهيم العقيلي وهو مجهول، وسيأتي أن الثابت عن عمر خلافه.
وأما أثر ابن عمر : فأخرجه البيهقي في الكبرى (١٩٦٩٣)، عن علي البارقي، أنه سأل ابن عمر عن الجبن، فقال: «كل ما صنع المسلمون وأهل الكتاب»، وإسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق (٨٧٩١)، عن البارقي قال: سألت ابن عمر عن الجبن؟ فقال: «عن أي بَالِه تسألني؟» قال: قلت: يجعلون فيه - أو إنا نخاف أن يجعلوا فيه - أنافح الميتة، قال: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، ولا بأس بإسناده، وقد روي عن ابن عمر من وجوه أخرى ثابتة عند عبد الرزاق (٨٧٩٢، ٨٧٨٥).
(٣) ورد ذلك عن عمر : أخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٤١٩)، عن أبي وائل وإبراهيم، قالا: لما قدم المسلمون أصابوا من أطعمة المجوس من جبنهم وخبزهم، فأكلوا ولم يسألوا عن ذلك، ووُصِف الجبن لعمر، فقال: «اذكروا اسم الله عليه وكلوه»، وإسناده صحيح، وأبو وائل - وهو شقيق بن سلمة - قد أدرك عمر وصلى خلفه كما ثبت ذلك عند ابن أبي شيبة (٣٠٤٨)، وأما إبراهيم النخعي فكما قال علي بن المديني: (لم يلق أحدًا من أصحاب النبي ، إلا أن مراسيل النخعي من أحسن المراسيل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية. ينظر: مجموع الفتاوى ٣١/ ٣٥٣.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٤٢٢)، عن عمرو بن شرحبيل، قال: ذكرنا الجبن عند عمر، فقلنا له: إنه يصنع فيه أنافيح الميتة، فقال: «سموا عليه وكلوه»، وإسناده صحيح.
وقد سئل الإمام أحمد عن الجبن الذي يصنعه المجوس؟ فقال: (ما أدري، إلا أن أصحَّ حديثٍ فيه حديثُ الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل) وذكره. ينظر: المغني لابن قدامة ٩/ ٤٣٠.