للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أكثر المسلمين مع قدرتهم عليه، ولأنه لو أخَّره لم يسم قضاء.

والأوَّل هو المنصور؛ لأنَّ وجوبه بصفة الموسَّع يخرجه عن رتبة الواجبات؛ لتأخيره (١) إلى غير غاية، ويسمى (٢) قضاء فيه وفي الزَّكاة، وذكره في «الرعاية» وجهًا، ثم يبطل بما إذا غلب على ظنِّه أنَّه لا يعيش إلى سنة أخرى لا يجوز له تأخيره، وإذًا (٣) لا يسمى قضاءً.

وقيل: إنه لم يؤخره؛ لأنَّه فُرض سنة عشرٍ، والأشهر: سنة تسع، فقيل: أخَّره؛ لعدم الاستطاعة، وفيه نظرٌ. وقيل: لرؤية المشركين حول البيت عراة. وقيل: بأمر الله تعالى؛ لتكون حجَّته حجَّة الوداع في السَّنة التي استدار الزَّمان فيها كهيئته، وتتعلم منه أمته المناسك التي استقر أمره عليها، ويصادف وقفة الجمعة، ويكمل الله دينه، ويقال: اجتمع يومئذ أعيادُ أهل كل دينٍ، ولم يجتمع قبله ولا بعده.

(فَإِنْ عَجَزَ عَنِ السَّعْيِ إِلَيْهِ)؛ أي: إلى الحجِّ؛ (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ)؛ كزَمانةٍ ونحوها؛ (لَزِمَهُ) على الفور (أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ)؛ لقول ابن عبَّاسٍ: إنَّ امرأةً من خثعم قالت: يا رسول الله! إنَّ أبِي أدركته فريضة الله في الحجِّ شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الرَّاحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: «حُجِّي عنه» متَّفقٌ عليه (٤).

زاد في «المغني» و «الشرح»: لو كان نضو الخلق، لا يقدر على الثُّبوت على الرَّاحلة إلاَّ بمشقَّةٍ غير محتملةٍ، يؤيِّده قول أحمد في المرأة إذا كانت ثقيلةً، لا يقدر مثلها يركب إلا بمشقَّةٍ شديدةٍ.


(١) في (أ): لتأخير.
(٢) في (د): وتسمى.
(٣) في (أ): فزاد.
(٤) أخرجه البخاري (١٥١٣)، ومسلم (١٣٣٤).