للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلقاء مكَّة، على يوم وليلة منها.

(وَأَهْلِ المَشْرِقِ: ذَاتُ عِرْقٍ)، هو منزلٌ معروفٌ، سمِّي به؛ لأنَّ فيه عرقًا، وهو الجبل الصَّغير، وقيل: العرق: الأرض السَّبخة تنبت الطَّرفاء.

وأصله ما روى ابن عبَّاس قال: «وقَّت رسول الله لأهل المدينة ذا الحُلَيفة، ولأهل الشَّام الجحفة، ولأهل نجد قرنًا، ولأهل اليمن يلملم، هنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ، ممن (١) يريد الحج والعمرة، ومن كان دونهن؛ فَمُهَلُّه من أهله، وكذلك أهل مكة يُهِلُّون منها» (٢)، وعن ابن عمر نحوه (٣)، وعن عائشة: «أنَّ النَّبيَّ وقَّت لأهل العراق ذات عِرْقٍ» رواه أبو داود والنسائي (٤)، وعن جابر مرفوعًا نحوه، رواه مسلمٌ (٥)، فدلَّ أن هذه


(١) في (و): لمن.
(٢) أخرجه البخاري (١٥٢٦)، ومسلم (١١٨١).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٢٥)، ومسلم (١١٨٢).
(٤) أخرجه أبو داود (١٧٣٩)، والنسائي (٢٦٥٦)، من طريق هشام بن بهرام، حدثنا المعافى، عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة به، وأنكر أحمد لفظة: «وقَّت لأهل العراق ذات عِرْقٍ»، ونقل ابن عدي قال: (قال ابن صاعد: كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد)، قال ابن عدي: (وإنكار أحمد على أفلح في هذا الحديث قوله: «ولأهل العراق ذات عرق»، ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئًا)، وكذا أعلها مسلم فقال: (فأما رواية المعافي بن عمران، عن أفلح، عن القاسم، عن عائشة فليس بمستفيض عن المعافى، إنما روى هشام بن بهرام، وهو شيخ من الشيوخ ولا يقر الحديث بمثله إذا تفرد)، ورجح ابن خزيمة وابن المنذر: أنه لا يثبت في تحديد ميقات العراق شيء، وقوَّى هذا الحديث غيرهم، قال ابن تيمية: (وهذا إسناد جيد)، وقال الذهبي: (هو حديث صحيح غريب)، وصححه ابن الملقن والعراقي والألباني، وقال ابن حجر: (الحديث بمجموع الطرق يقوى). ينظر: التمييز لمسلم ص ٢١٥، الكامل لابن عدي ٢/ ١٢٢، صحيح ابن خزيمة (٢٥٩٢)، شرح العمدة ١/ ٣٠٦، البدر المنير ٦/ ٨٤، الفتح ٣/ ٣٩٠، طرح التثريب ٥/ ١٣، الإرواء ٤/ ١٧٦.
(٥) أخرجه مسلم (١١٨٣)، من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يسأل عن المهل فقال: سمعت -أحسبه رفع إلى النبي … فذكره، قال النووي في المجموع ٧/ ١٩٤: (هذا إسناد صحيح، لكنه لم يجزم برفعه إلى النبي ، فلا يثبت رفعه)، وورد الجزم برفعه في رواية أحمد (١٤٥٧٢)، بسند صحيح، وعند ابن ماجه (٢٩١٥)، لكن إسناده ضعيف.