للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لتركه الميقات، فإذا فرغ منه أحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها، وعليه دم إذا قدم مكَّة، لما أفسد من عمرته.

(وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ)؛ أي: بعد رمي جمرة العقبة؛ (لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ) في قول أكثر العلماء؛ لقوله : «الحجُّ عرفةُ» (١)، ولقول ابن عبَّاسٍ في رجلٍ أصاب أهلَه قبل أن يفيض يوم النَّحر: «ينحَران جزورًا بينهما، وليس عليه الحجُّ من قابلٍ» رواه مالكٌ (٢)، ولا يُعرَف له في الصَّحابة مخالِفٌ، ولأنَّها عبادةٌ لها تحلُّلان، فوجود المفسد بعد أوَّلهما لا يفسدها، كما بعد التَّسليمة الأولى من الصَّلاة.

ويتوجَّه: أنَّه يفسد كالأول إن بقي إحرامه، وفسد بوطئه.

وقوله في «التَّنبيه»: من وطئ في الحجِّ قبل الطَّواف فسد حجُّه؛ محمولٌ على ما قبل التحلل.

فإن طاف للزِّيارة، ولم يَرْمِ؛ فذكر في «الشَّرح» وقدَّمه غيرُه: أنَّه لا شَيءَ عليه مطلقًا؛ لأن الحجَّ قد تمَّت أركانُه كلُّها، وظاهر كلام جماعةٍ خلافُه؛ لوجوده قبل ما يَتِمُّ به التَّحلُّلُ.

(وَيَمْضِي إِلَى التَّنْعِيمِ)، وهو من الحِلِّ بين مكَّةَ وسرِف، على فرسخين من مكَّة، وسُمِّي به؛ لأنَّ جبلاً عن يمينه اسمه نَعِيمٌ، وآخر عن شماله اسمه


(١) تقدم تخريجه ٤/ ١٤٨ حاشية (٣).
(٢) إنما أخرجه مالك (١/ ٣٨٤)، ومن طريقه الشافعي في الملحق بالأم (٧/ ٢٥٨)، والبيهقي في الكبرى (٩٨٠٣)، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس بلفظ: سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض؟ «فأمره أن ينحر بدنة»، وإسناده صحيح.
وأخرجه بلفظ قريب من لفظ المؤلف: الدارقطني (٢٦٧٢)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (٩٨٠١)، من طريق أخرى عن عطاء عن ابن عباس، أن رجلاً أصاب من أهله قبل أن يطوف بالبيت يوم النحر، فقال: «ينحران جزورًا بينهما وليس عليهما الحج من قابل»، وإسناده صحيح أيضًا.