للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرعٌ: يجوز إخراج جزاء الصَّيد بعد جرحه وقبل موته، نَصَّ عليه (١)؛ لأنَّها كفَّارة قتْلٍ، فجاز تقديمها، ككفَّارة قتل الآدميِّ.

(وَإِنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ؛ فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ)، هذا هو الصَّحيح؛ لأنَّه تعالى أوجب المثل بقتله، فلا يجب غيره، وهو ظاهر في الواحد والجماعة، والقتل هو الفعل المؤدِّي إلى خروج الرُّوح، وهو فعل الجماعة، لا كلِّ واحدٍ، كقوله: من جاء بعبدي فله درهمٌ، فجاء به جماعةٌ، ولأنَّه « جعل في الضَّبُع كبْشًا» (٢)، ولم يفرِّق، وهذا قول عمر، وابنه، وابن عباس (٣)، ولم يعرف لهم مخالف، ولأنَّه جزاءٌ عن مقتولٍ يختلف


(١) ينظر: المغني ٣/ ٤٥١.
(٢) سبق تخريجه ٤/ ٢٠٥ حاشية (٥).
(٣) أثر عمر : أخرجه مالك (١/ ٤١٤)، ومن طريقه الشافعي في الملحق بالأم (٧/ ٢٥٤)، والبيهقي في الكبرى (٩٩٩٥)، عن محمد بن سيرين: أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية، فأصبنا ظبيًا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه: «تعال حتى أحكم أنا وأنت»، قال: فحكما عليه بعنز. قال ابن التركماني في الجوهر النقي ٥/ ٢٠٣: (منقطع؛ ابن سيرين لم يدرك عمر)، وأخرجه أبو بكر النجاد بإسناده كما في التعليقة (٢/ ٣٧٥)، عن سعيد بن المسيب بنحوه مرسلاً، فإن صح الإسناد إليه فهو شاهد قوي لمرسل ابن سيرين، إلا أن القصة وردت بأسانيد صحاح موصولة عن قبيصة بن جابر صاحب القصة، وفيها أن الذي أصاب الصيد رجل واحد، أخرجها عبد الرزاق (٨٢٣٩)، والطبري في التفسير (٨/ ٦٨٣)، والطبراني في الكبير (٢٥٨)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٤٥٨)، والحاكم (٥٣٥٥)، والبيهقي في الكبرى (٩٨٦٢).
وأثر ابن عمر : أخرجه النيسابوري في الزيادات على المزني (٢١٧)، ومن طريقه الدارقطني (٢٥٦٤)، ومن طريقهما البيهقي في الكبرى (٩٩٩٧)، عن حماد بن سلمة، عن عمار مولى بني هاشم: أن موالي لابن الزبير أحرموا، إذ مرت بهم ضبع فحذفوها بعصيهم، فأصابوها، فوقع في أنفسهم، فأتوا إلى ابن عمر فذكروا ذلك له، فقال: «عليكم كبش»، قالوا: على كل واحد منا كبش؟ قال: «إنكم لمعزز بكم عليكم كلكم كبش»، وأخرجه عبد الرزاق (٨٣٥٧)، من طريق عثمان بن مطر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن عمار نحوه، وفيه أنه كان حاضرًا الحادثة. وعمار بن أبي عمار مولى بني هاشم صدوق، ورواية عبد الرزاق -إن صحت- تدل على أنه موصول، إلا أن عثمان بن مطر ضعيف الحديث، وطريق النيسابوري جيدة إن ثبت سماع عمار من ابن عمر، ولم يُذكر أنه ممن روى عنه، على أن عمار قد روى عن جماعة من الصحابة، وأشار البيهقي إلى أنه مرسل، فقد أخرج في بيان من أخطأ على الشافعي (ص ٢٣٥)، من طريق ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن عمار، عن رباح: أن موالي لآل الزبير، وذكر نحوه.
وأخرج الشافعي في الأم (٢/ ٢٢٧)، ومن طريقه البيهقي في المعرفة (١٠٦٥٥)، أخبرني الثقة، عن حماد بن سلمة، عن زياد مولى بني مخزوم، وذكر نحوه. والثقة عند الشافعي كما هو مقرر: إبراهيم الأسلمي، وهو متروك.
قال البيهقي عن رواية ابن مهدي: (وقال: "عن رباح"، وكذلك رواه سليمان بن حرب، عن حماد فقال: "عن رباح"، فيحتمل أن يكون حماد بن سلمة رواه مرة عن زياد، ومرة عن عمار، ثم أرسله مرة فلم يذكر فيه رباحًا، ووصله مرة فذكر فيه رباحًا).
وأخرج ابن أبي شيبة (١٥٢٤٧)، عن ابن جريج، عمن حدثه عن ابن عمر، أنه سئل عن قوم من المشاة قتلوا صيدًا، قال: «عليهم جزاء واحد»، وإسناده ضعيف، لأجل المبهم.
وأثر ابن عباس : أخرجه النيسابوري في الزيادات على المزني (٢١٨)، ومن طريقه الدارقطني (٢٥٦٣)، والدولابي في الكنى (١١٣١)، والبيهقي في الكبرى (٩٩٩٦)، من طريق سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوم أصابوا ضبعًا قال: «عليهم كبش يتخارجونه بينهم»، وإسناده جيد، سعيد بن عبد الرحمن وثقه ابن معين وأبو داود.