للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهِرُه: يشمَل كلَّ واقفٍ بعرفةَ، من مكِّيٍّ وغيرِه؛ لأنَّه جَمَعَ بينهما، وكذلك كلُّ مَنْ صلَّى معه، ولم يأمُرْهم بترك الجَمْع كما أمرهم بتَرْك القَصْرِ، فقال: «أتِمُّوا فإنَّا سَفْرٌ» (١)، ولو حَرُم لَبَيَّنَهُ؛ لأنَّه لا يجوز تأخيرُ البيان عن وقت الحاجة، وبأنَّ عثمانَ كان تَمَّ (٢) الصَّلاة؛ لأنَّه اتَّخذ بمكَّة أهلاً (٣)، ولم يَتْرُك الجَمْعَ (٤)، ولم يَبْلُغْنا عن أحدٍ من المتقدمين خلافُه.

وشرط القاضي وأصحابه: أنَّه يَختصُّ بمَنْ يجوز له الجَمْعُ؛ لأنَّ سببَه


(١) أخرجه أحمد (١٩٨٦٥)، وأبو داود (١٢٢٩)، والترمذي (٥٤٥)، وابن خزيمة (١٦٤٣)، من حديث عمران بن حصين ، ولفظه عند أبي داود: غزوت مع رسول الله وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، يقول: «يا أهل البلد، صلوا أربعًا، فإنا سفر»، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وضعف الحديث ابن حجر، وثبت عن عمر بسند صحيح عند مالك (١/ ١٤٩)، وابن أبي شيبة (٣٨٦١)، أنه كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم يقول: «يا أهل مكة أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر». ينظر: الفتح ٣/ ٥٦٣.
(٢) كذا في النسخ الخطية، والذي في المغني: (يتم الصلاة).
(٣) أخرجه أحمد (٤٤٣)، والحميدي في مسنده (٣٦)، والطحاوي في مشكل الآثار (٤٢٢١)، والبيهقي في الخلافيات (٢٦٥٢)، والضياء في المختارة (٣٧٤)، من طرق عن عكرمة بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن أبيه: أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس، إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله ، يقول: «من تأهَّل في بلد فليصل صلاة المقيم»، وهو ضعيف؛ لأجل عكرمة بن إبراهيم، وللانقطاع، فإن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذباب روى عن أبيه عن عثمان مرسلاً، وبذلك أعله البيهقي وابن حجر والألباني، وأعلَّه ابن القيم بأن المعروف عن عثمان أنه لم يكن له بها أهل ولا مال، وأن عثمان من المهاجرين الأولين، وليس لهم أن يقيموا بمكة بعد الهجرة. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٥/ ٩٤، حاشية ابن القيم مع عون المعبود ٥/ ٣٠٧، الفتح ٢/ ٥٧٠، السلسلة الضعيفة (٢٤١٥).
(٤) لم نقف على كونه كان يجمع بين الصلاتين أو لا، ويوضحه ما في الممتع ٢/ ١٨٥: (ولم يبلغنا أنه ترك الجمع، ولو تركه لنقل كما نقل الإتمام).