للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالتْ عائشةُ: «لَأَن يقطعا (١) أحبُّ إليَّ أن أمسح القدَميْن» (٢).

وهذا (٣) في حقِّ غير لابِس الخُفِّ، فأمَّا لابِسُه؛ فغسلُهما ليس فرضًا مُتعيِّنًا (٤) في حقِّه.

(وَتَرْتِيبُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى)، هذا هو الأصحُّ، وفي «الكافِي»: أنَّه ظاهِرُ المذهب؛ لأنَّ الله تعالى أدْخَل المَمْسوح بيْن المَغْسولاتِ، ولا يُعلم لهذا فائدةٌ غيرُ التَّرتيبِ، والآيةُ سِيقتْ لبيان الواجب، والنَّبيُّ رَتَّب الوُضوءَ، وقال: «هذا وضوءٌ لا يَقبلُ الله الصَّلاة إلا به» (٥)، ولأنَّه عبادةٌ تَبطُل بالحدث، فكان التَّرتيب من شرطِه؛ كالصَّلاة يَجِبُ فيها (٦) الرُّكوعُ قبْل السُّجودِ، ولو كان التَّنْكيس جائِزًا؛ لَفَعَلَهُ ولَوْ مَرَّةً لِيتَبينِ الجَوازِ.


(١) في (أ): نقطعا.
(٢) ذكره المصنف بمعناه على قول، وقد أخرجه ابن أبي شيبة (١٩٤٤)، وأبو عبيد في الطهور (٣٩٤)، عن عائشة بلفظ: «لأن أحزُّهما بالسكاكين أحب إليَّ من أن أمسح عليهما»، وإسناده صحيح.
وهذا المعنى الذي ذكره المصنف نقله أبو عبيد في الطهور فقال: (بعض أصحاب الحديث كان يتأوله في المسح على القدمين، ويصدِّق ذلك: حديثها عن النبي : «ويل للأعقاب من النار»، فهل يكون هذا إلا على الأقدام؟! وهي كانت أعلم بمعنى حديثها).
والمعنى الآخر للأثر: أنها أرادت به المسح على الخفين، وهو صريح صنيع ابن أبي شيبة في مصنفه، حيث ذكر الأثر تحت باب: (من كان لا يرى المسح)، بعد باب: (في المسح على الخفين كيف هو)، وتأوله البيهقي في الكبرى (١/ ٤٠٩)، بقوله: (فإنها كرهت ذلك، ثم ثبت عنها أنها أحالت بعلم ذلك على علي ، وعلي أخبر عن النبي بالرخصة فيه)، وما ذكره من إحالتها العلم به على علي؛ وارد في صحيح مسلم (٢٧٦).
(٣) في (أ): وهو.
(٤) في (أ) و (ب): معينًا.
(٥) سبق تخريجه ١/ ١٥٥ حاشية (٥)، من حديث ابن عمر عند ابن ماجه، وهو حديث ضعيف بهذا اللفظ.
(٦) في (و): لا يجب فيها.