للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإذا (١) فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ؛ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ (٢)؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ: أنَّ النَّبيَّ قال: «مَنْ زار قبري؛ وَجَبتْ له شفاعَتِي» رواه الدَّارَقُطْنيُّ من طُرُقٍ (٣)، ورُوِيَ أيضًا عن ابن عمر مرفوعًا: «مَنْ حجَّ فزار قبري بعد


(١) في (ب) و (د) و (ز) و (و): فإذا.
(٢) قال شيخ الإسلام في الرد على الإخنائي ص ١٤٨: (الذي اتفق عليه السلف والخلف، وجاءت به الأحاديث الصحيحة، هو السفر إلى مسجده والصلاة والسلام عليه في مسجده، وطلب الوسيلة له، وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله، فهذا السفر مشروع باتفاق المسلمين سلفهم وخلفهم، وهذا هو مراد العلماء الذين قالوا: إنه يستحبّ السفر إلى زيارة قبر نبينا ، فإن مرادهم بالسفر إلى زيارته هو السفر إلى مسجده، وذكروا في مناسك الحج أنه يستحب زيارة قبره).
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى ٥/ ٢٨٩: (ومن اعتقد في السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين أنه قربة وعبادة وطاعة، فقد خالف الإجماع)، وقال في مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٣٥: (فإذا حصل الاتفاق على أن السفر إلى القبور ليس بواجب ولا مستحب؛ كان مَنْ فعله على وجه التعبد مبتدعًا مخالفًا للإجماع، والتعبد بالبدعة ليس بمباح).
وقال شيخ الإسلام في الرد على الإخنائي، ص ٢٣: (وأما السفر إلى مجرد زيارة القبور؛ فما رأيت أحدًا من علماء المسلمين قال إنه مستحب، وإنما تنازعوا هل هو منهي عنه أو مباح، وهذا الإجماع والنزاع لم يتناول المعنى الذي أراده العلماء بقولهم: يستحبّ زيارة قبر النبي .
وقد نص الأصحاب في كتاب الجنائز على عدم استحباب شد الرحال إلى القبور، دون استثناء قبر نبي أو غيره، فدل أن مراد الأصحاب هنا: هو السفر إلى مسجد المدينة، أو زيارة مسجده وقبره معًا.
(٣) أخرجه الدارقطني (٢٦٩٥)، والعقيلي في الضعفاء (٤/ ١٧٠)، والبيهقي في الشعب (٣٨٦٢)، من طريق موسى بن هلال العبدي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، ووقع في طرقه اختلاف هل هو عن عبد الله بن عمر المكبر، أو عبيد الله المصغر، ورجح جمع أنه المكبر، قال العقيلي: (ولا يصح حديثه ولا يتابع عليه … والرواية في هذا الباب فيها لين)، وقال البيهقي: (وسواء قال عبيد الله أو عبد الله فهو منكر، عن نافع، عن ابن عمر لم يأت به غيره)، وقال ابن عبد الهادي: (حديث منكر عند أئمة هذا الشأن، ضعيف الإسناد عندهم، لا يقوم بمثله حجة، ولا يعتمد على مثله عند الاحتجاج إلا الضعفاء في هذا العلم)، وكذا قال غيره من أهل العلم. ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٢٧/ ٢٩، الصارم المنكي ص ٢١، التلخيص الحبير ٢/ ٥٦٩، الإرواء ٤/ ٣٣٦.