للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨].

واصْطِلاحًا: ما يَلزَمُ من عدمه العدمُ، ولا يَلزَمُ من وُجودِه (١) وُجودٌ ولا عَدَمٌ.

(لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ كُلِّهَا)، بغيرِ خِلافٍ نعلمُه؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البَيّنَة: ٥]، والإخلاصُ مَحْضُ النِّيَّةِ، وقد صحَّ أنَّ النَّبيَّ قال: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ»، وأكَّدهُ بقوله: «وإنَّما لامْرِئٍ ما نَوَى» (٢)، وقوله: «لا عملَ إلَّا بِنِيَّة» (٣)، ولأنَّ الوُضوءَ عِبادةٌ؛ لقوله : «الطُّهور شَطرُ الإيمانِ» رواه مسلم (٤)، وأخبر أنَّ الخطايا تَخرجُ بالوُضوءِ، وكلُّ عبادة لا بدَّ لها من نيَّة.

فالعِبادةُ: ما أُمِر به شرْعًا من غير اطِّرادٍ عُرْفِيٍّ، ولا اقتِضاءٍ عقْليٍّ.

قِيل لأبي البَقاءِ: الإسلامُ والنِّيَّةُ عبادتان، ولا يَفتقِرانِ إلى النِّيَّةِ؟ فقال: الإسلامُ ليس بعبادةٍ؛ لصدوره من الكافرِ، وليس من أهلها، سَلَّمنا، لكن صحَّ للضرورة؛ لأنَّه لا يصدر إلَّا من كافرٍ، وأمَّا النِّيَّة فَلِقطْع التَّسلْسُل.

ولأنَّها طهارةٌ حُكميَّةٌ، فافتقرتْ إلى النِّيَّةِ؛ كالكفَّارة، بخلاف طهارةِ الخبَث، فإنَّها نقلُ عيْنٍ، أشبه ردَّ الوَديعةِ، ولأنَّ طهارة الحدَثِ بابُها الفعلُ أشبهتِ الصَّلاةَ، وطهارةُ النَّجاسةِ بابُها التَّرْكُ أشبهتْ تركَ الزِّنى.

وذكَرَ بعضُ أصحابنا عن طوائِفَ من العُلَماءِ: أنَّه ليس من شرْط العبادة النِّيَّةُ؛ بدليل السِّتارةِ، واستقبالِ القِبلةِ، وهما شَرْطانِ للعبادةِ.

وأُجيب: بأنَّهما يُوجدان في جميع الصَّلاة لوجودِهما قبلها، فنيَّةُ الصَّلاةِ


(١) قوله: (وجوده) سقطت من (أ).
(٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧)، من حديث عمر بن الخطاب .
(٣) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٧٩)، من حديث أنس ، قال ابن حجر: (وفي سنده جهالة)، وجاء موقوفًا على عمر ، بسند منقطع، ذكره ابن رجب. ينظر: جامع العلوم والحكم (ص ٦٨)، التلخيص الحبير ١/ ٤٠٠.
(٤) أخرجه مسلم (٢٢٣)، من حديث أبي مالك الأشعري .