للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ … ﴾ [النِّسَاء: ٩٥]، فدلَّ على أن (١) القاعِد بلا ضَرَرٍ غير آثِمٍ مع جهاد غيره، ولقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التّوبَة: ١٢٢]، ومعْناهُ: أنَّه إذا قام به مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عن الكلِّ، فيُجْعَل فِعْلَ البعض كافيًا في السُّقوط، وإن لَم يَقُم به مَنْ يَكْفِي أثم الكلُّ؛ كفرض الأعيان، فيَشتَرِكان في كونه مخاطَبًا بهما (٢)، ويَفتَرِقان فيما ذَكَرْنا.

وقال سعيدُ بن المسيِّب: فَرْضُ عَينٍ؛ لعموم الآيات، والقاعدون كانوا حُراسًا للمدينة، وهو نَوعُ جِهادٍ.

وجوابُه: ما قُلْناه، مع أنَّه كان يَبعَثُ السرايا إلَى النَّواحي، ويُقِيمُ هو وأصحابُه، وعليه تُحمل الأوامر المطلَقة.

والفرض في ذلك موقوفٌ علَى غلبة الظَّنِّ، فإذا غلب علَى الظَّنِّ أنَّ الغَيرَ يقومُ به، كجنْدٍ لهم دِيوانٌ، وفيهم كفايةٌ، أو قَومٌ أعَدُّوا أنفسَهم لذلك وفيهم مَنَعَةٌ؛ سَقَط عن الباقِين.

فَرعٌ: إذا قام بفرض الكفاية طائفةٌ بعد أخرى؛ فهل تُوصَف الثَّانية بالفرضيَّة؟ فيه وجْهانِ، وكلامُ ابن عَقِيلٍ يقتضي أنَّ فرضيَّته محلُّ وفاقٍ، وكلامُ أحمدَ محتَمِلٌ.

(وَلَا يَجِبُ إِلاَّ عَلَى ذَكَرٍ)؛ لما روت عائشةُ قالت: قلتُ: يا رسول الله، هَلْ على النِّساء جِهادٌ؟ فقال: «جِهادٌ لَا قتالَ فيه؛ الحجُّ والعُمْرةُ» رواه البخاريُّ (٣)، ولأن المرأة ليست من أهل القتال؛ لضَعْفها وخَوفها، ولذلك لا يُسْهَمُ لها.


(١) قوله: (أن) سقط من (أ).
(٢) قوله: (بهما) سقط من (ب) و (ح).
(٣) لم يخرجه البخاري بهذا اللفظ، وإنما أخرجه ابن ماجه (٢٩٠١)، وابن خزيمة (٣٠٧٤)، بإسنادٍ صحيحٍ من حديث عائشة . وأخرج البخاريُّ (٢٨٧٥) عنها أنَّها قالت: استأذنتُ النبيَّ في الجهاد، فقال: «جِهادكن الحج».