للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسائل:

الأولى: المفاضَلة بين أعضاء الوضوء غير مكروهة؛ لحديث عبد الله بن زيد (١).

وعنه: تكره؛ إذ لا مفاضلة بينها كما تدلُّ عليه الأحاديث.

ويُعمل في عددها (٢) بالأقلِّ، وفي «النهاية»: بالأكثر.

الثَّانية: يسنُّ التَّجديد لكلِّ صلاة؛ للأخبار، منها ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعًا قال: «لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم بالوضوء عند كلِّ صلاة» وإسناده صحيح (٣).

وعنه: لا؛ كما لا يُستَحبُّ تجديد الغسل، وكما لو لم يُصَلِّ (٤) بينهما.

وقيل: يكره. وقيل: المداومة.

ولا بأس أن يصلِّيَ به ما لم يحدِث، وهو قول الأكثر.

وحكى الطَّحاويُّ عن ابن عمرَ وجماعةٍ وجوبَ الوضوءِ لكلِّ صلاةٍ (٥)،


(١) أخرجه مسلم (٢٣٥)، عن عبد الله بن زيد : أنه دعا بإناء فأكفأ منها على يديه فغسلهما ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض واستنشق من كف واحدة، ففعل ذلك ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها، فغسل وجهه ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها، فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلى الكعبين، ثم قال: «هكذا كان وضوء رسول الله ».
(٢) في (ب): عدمها. والمعنى: يعمل في عدد الغسلات.
(٣) في (و): إسناده صحيح.
أخرجه أبو داود الطيالسي (٢٤٤٨)، وفي سنده أبو معشر نجيح بن عبدالرحمن السندي، وهو ضعيف، وأخرجه أحمد (٧٥١٣)، وفي سنده محمد بن عمرو بن علقمة، وهو صدوق له أوهام، وصحح إسناده ابن الملقن، ولهذا الحديث شاهد من حديث عبدالله بن حنظلة ، أخرجه أبو داود (٤٨)، وابن خزيمة (١٥). ينظر: البدر المنير ١/ ٦٩٩، صحيح أبي داود للألباني ١/ ٨٦.
(٤) في (أ): فصل.
(٥) إنما قال الطحاوي في أحكام القرآن (١/ ٦٨): (فقال بعضهم: كل قائم إلى صلاة مكتوبة فقد وجب عليه الوضوء)، وذكر الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤١): (باب الوضوء هل يجب لكل صلاة أم لا؟)، ولم يذكر فيهما عن ابن عمر شيئًا في وجوب الوضوء لكل صلاة.
ونقل ابن بطال في شرح البخاري (١/ ٢١٤)، كلام الطحاوي السابق ثم قال: (وممن كان يتوضأ لكل صلاة وإن كان طاهرًا: ابن عمر، وعبيد بن عمير، وعكرمة، وابن سيرين)، وفعلهم هذا لا يدل على أنهم يقولون بالوجوب.
وأثر ابن عمر : أخرجه عبد الرزاق (١٧٠)، عن معمر، عن أيوب، عن نافع: «أن ابن عمر كان يتوضأ لكل صلاة»، وإسناده صحيح.
وقد روي عنه خلاف ذلك أيضًا: أخرج ابن سعد في الطبقات (٤/ ١٦١)، عن عبد الله بن جابر، عن نافع قال: «كان ابن عمر يصلي الصلوات بوضوء واحد»، وابن جابر عن نافع منقطع كما في التاريخ الكبير للبخاري (٥/ ٦٠)، وله شاهد عند ابن أبي شيبة (٢٩١)، وفيه ضعف، لكنه يتقوى به، فالأثر ثابت عن ابن عمر .
تنبيه: قال ابن قدامة في المغني (١/ ١٠٥): (يجوز أن يصلي بالوضوء ما لم يحدث، ولا نعلم في هذا خلافًا)، وتبعه الشارح.