للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقَرُّون بجزيةٍ، فيُعطِي هذا أنَّهم يقرون على عمل أصنام يعبدونها في بيوتهم، ولم يسمع بذلك في سيرةٍ من سِيَر السَّلَف وبعدها.

واختار الشَّيخ تقيُّ الدِّين: أخْذها من الكلِّ (١).

ومقتضى ما ذكره: أنَّ عَبَدَة الأوثان من العرب لا تُقبَل منهم؛ لكونهم من رهط النَّبيِّ ، وشَرُفوا به، فلا يقرون على غير دينه، وغيرهم يُقَرُّ بالجزية؛ لأنَّه يرق (٢) بالاسترقاق؛ كالمجوس.

(فَأَمَّا الصَّابِئُ؛ فَيُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى أحَدِ (٣) الْكِتَابَيْنِ؛ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ)، وقاله جمع؛ لأنَّه قد صار مشارِكًا لأهله في ذلك الكتاب، وإن سُمُّوا باسمٍ آخَرَ؛ لأِنَّ الموافقةَ في الدِّين توجب الموافقة في الحكم.

والمذهب: أنَّهم جنسٌ من النَّصارى، ورُوِي عن أحمدَ أنَّه قال: (إنهم يُسْبِتون) (٤)، وهو قول عمر (٥)، وقال مجاهد: (هم بين اليهود والنَّصارى).

(وَإِلاَّ فَلَا)؛ أي: إن لم ينتسب إلى ذلك؛ فليس من أهل الكتاب؛ لأنَّه روي أنَّهم يقولون: إنَّ الفلكَ حيٌّ ناطِقٌ، وإن الكواكب السَّبعة آلهة (٦)،


(١) ينظر: مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٢.
(٢) في (ح): يبقى.
(٣) في (ح): إحدى.
(٤) نقل محمد بن موسى: أن أبا عبد الله سئل عن الصابئين، قال: بلغني أنهم يسبتون، فهؤلاء إذا أسبتوا يشبهون باليهود.
ونقل حنبل: قلت لأبي عبد الله: والصابئين؟ قال: هم جنس من النصارى إذا كان لهم كتاب أكل، يعني: من ذبائحهم. ينظر: أحكام أهل الملل ص ٣٦٤.
(٥) أخرجه عبد الرزاق (٨٥٧٦)، ومسدد كما في المطالب العالية (٣٥٩٤)، والبيهقي في الكبرى (١٣٩٨٩)، عن غضيف بن الحارث قال: كتب عامل إلى عمر: أن قبلنا ناسًا يدعون السامرة يقرؤون التوارة، ويسبتون السبت، لا يؤمنون بالبعث، فما يرى أمير المؤمنين في ذبائحهم؟ فكتب إليه عمر: «هم طائفة من أهل الكتاب، ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب»، إسناده صحيح، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٢/ ٣٩٠: (رجاله ثقات).
(٦) ينظر: أحكام أهل الذمة ١/ ٢٣٢.