للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيرجع (١) إلى الأصل (٢).

(وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ) بنِ وائِلٍ من العرب من ولد ربيعةَ بنِ نِزارٍ، فإنَّهم انتقلوا في الجاهليَّة إلى النَّصرانيَّة، فدعاهم عُمَر إلى بذل الجزية، فأبوا، وقالوا: نحن عربٌ خُذْ منَّا كما يأخذ بعضُكم من بعضٍ باسم الصَّدقة، فقال عمر (٣): «لا آخذ (٤) من مشرِكٍ صدقةً»، فلَحِق بعضهم بالرُّوم، فقال النُّعمان بن زرعة (٥): يا أمير المؤمنين، إنَّ القومَ لهم بأْسٌ وشِدَّةٌ، وهم عرَبٌ يأنفون من الجزية، فلا تُعِنْ عليك عدوَّك بهم، وخُذْ منهم الجِزيةَ باسم الصَّدقة، فبعث عمر في طلبهم فردَّهم (٦).


(١) في (ح): فرجع.
(٢) زاد في (ب): (ومحل ذلك إذا اختار من تقبل منه الجزية).
(٣) قوله: (عمر) سقط من (أ).
(٤) قوله: (لا آخذ) في (ح): لآخذ.
(٥) في (ح): ذرعة.
(٦) في (أ): وردهم.
والأثر: أخرجه أبو عبيد في الأموال (٧١)، والبخاري في التاريخ الكبير (٤/ ٢١٢)، وابن زنجويه (١١٣)، من طريق مغيرة، عن السفاح بن المثنى، عن زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة بنحوه.
وأخرجه يحيى بن آدم في الخراج (٢٠٨)، وابن أبي شيبة (١٠٥٨١)، وأبو عبيد في الأموال (٧٠)، وابن زنجويه (١١١)، والبلاذري في فتوح البلدان (ص ١٨٢)، والبيهقي في الكبرى (١٨٧٩٥)، من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، عن السفاح بن مطر الشيباني، عن داود بن كردوس، قال: «صالحت عمر بن الخطاب عن بني تغلب»، وذكر نحوه، وفيه: «وعلى أن عليهم العشر مضاعفًا، من كل عشرين درهمًا درهم».
وأخرجه أبو يوسف في الخراج (ص ١٣٣)، ويحيى بن آدم (٢٠٧)، والبيهقي في الكبرى (١٨٧٩٦)، من طريق السفاح، عن داود بن كردوس، عن عبادة بن النعمان، أنه قال لعمر بن الخطاب : وذكر نحوه، وفيه: «وعلى أن يسقط الجزية عن رؤوسهم؛ فكل نصراني من بني تغلب له غنم سائمة؛ فليس فيها شيء حتى تبلغ أربعين شاة؛ فإذا بلغت أربعين سائمة ففيها شاتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت شاة ففيها أربع من الغنم، وعلى هذا الحساب تؤخذ صدقاتهم، وكذلك البقر والإبل إذا وجب على المسلم شيء من ذلك؛ فعلى النصراني التغلبي مثله مرتين»، ومدار الأثر على سفاح بن مطر الشيباني، وسُمي: السفاح بن المثنى، وظاهر صنيع البخاري أنه ابن مطر، فقد أورد أثرًا من طريق السفاح بن المثنى في ترجمة سفاح بن مطر، قال الحافظ في التقريب: (مقبول)، وبالغ ابن حزم في تضعيف الأثر، بجهالة راويه واضطرابه فيه.
وأخرجه الشافعي في الأم (٤/ ٣٠٠)، والبيهقي في المعرفة (١٨٦٤٥)، من طريق أبي إسحاق الشيباني، عن رجل: أن عمر صالح نصارى بني تغلب، وذكر نحوه. ولعل المبهم هو السفاح الشيباني كما تقدم.
ثم قال الشافعي: (وهكذا حفظ أهل المغازي وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا: رامهم على الجزية فقالوا: نحن عرب ولا نؤدي ما تؤدي العجم، ولكن خُذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض - يعنون الصدقة -، فقال عمر : «لا، هذا فرض على المسلمين»، فقالوا: فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية، ففعل، فتراضى هو وهم على أن ضعَّف عليهم الصدقة)، وقال الجصاص في أحكام القرآن (٤/ ٢٨٦) بعد ذكر رواية داود بن كردوس: (وهذا خبر مستفيض عند أهل الكوفة وقد وردت به الرواية والنقل الشائع عملاً)، وسئل أحمد عن نصارى بني تغلب: تُضعَّف عليهم على ما فعل عمر ؟ قال: (نعم)، وقال في رواية علي بن سعيد: (أهل الكتاب ليس عليهم في مواشيهم صدقة، ولا في أموالهم، إنما تؤخذ منهم الجزية إلا أن يكونوا صولحوا على أن تؤخذ منهم، كما صنع عمر بنصارى بني تغلب، حين أضعف عليهم الصدقة في صلحه إياهم). ينظر: أحكام أهل الملل للخلال ص ٦٨.