للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّ ذلك يُحصِّل الموالاةَ ويُثبت المودَّة، وهو منهيٌّ عنه للنَّصِّ (١)، ولِمَا فيه من التَّعظيم.

والثَّانية: الجواز؛ لِما رَوَى أنسٌ: أنَّ النَّبيَّ عاد يهوديًّا، وعرض عليه الإسلام فأسلم، فخرج وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النَّار» رواه البخاريُّ (٢)، ولأِنَّه من مكارم (٣) الأخلاق.

والثالثة (٤): يجوز لمصلحةٍ راجحةٍ؛ كرجاء إسلامه، اختاره الشَّيخ تقيُّ الدِّين (٥)، ومعناه اختيار الآجُرِّيِّ، وأنَّه قول العلماء، يُعاد، ويُعرَض عليه الإسلام.

وعلى الجواز: يُدعى له بالبقاء، وكثرة المال والولد، زاد جماعة: قاصدًا كثرة الجزية؛ لأنَّه لا يجوز أن يَقصِد تكثيرَ أعداء المسلمين.

فائدةٌ: كَرِه أحمدُ الدُّعاء لكلِّ أحدٍ بالبقاء ونحوه؛ لأنَّه شَيءٌ فُرغ منه (٦)، واختاره الشَّيخ تقيُّ الدِّين (٧).

ويَسْتعْمِله ابنُ عَقيلٍ وغيره، وذكره بعض أصحابنا هنا، وقد صحَّ: «أنَّه دعا لأنسٍ بطول العمر» (٨)، وقد روى أحمد وغيره من حديث ثوبان: «لا يردُّ القدر إلاَّ الدُّعاء، ولا يَزِيد في العُمُر إلا البر» إسناده ثقاتٌ (٩).


(١) وهو قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾، كما في الممتع ٢/ ٣٥٦.
(٢) أخرجه البخاري (١٣٥٦)، من حديث أنس .
(٣) في (ح): بمكارم.
(٤) في (أ): والثانية.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٤/ ٢٦٥، الاختيارات ص ٤٦٠.
(٦) ينظر: مسائل عبد الله ص ٤٤٨، مسائل ابن هانئ ٢/ ١٨٤.
(٧) ينظر: الاختيارات ص ٤٦٠.
(٨) أخرجه البخاري (٦٣٣٤، ٦٣٤٤)، ومسلم (٢٤٨٠)، من حديث أنس .
(٩) أخرجه أحمد (٢٢٣٨٦)، وابن ماجه (٩٠، ٤٠٢٢)، وابن حبان (٨٧٢)، والحاكم (١٨١٤)، ولفظه: «إنَّ الرَّجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه، ولا يردُّ القدرَ إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر»، وفي سنده: عبد الله بن أبي الجعد، ذكره ابن حبان في الثقات، وفيه جهالة كما قاله ابن القطان والذهبي، وقال ابن حجر: (مقبول)، والحديث صححه ابن حبان والحاكم، وحسَّنه العراقي كما نقله البوصيري، وله شاهد: أخرجه الترمذي (٢١٣٩)، من حديث سلمان الفارسي مرفوعًا بلفظ: «لا يرد القضاء إلا الدّعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر»، وفي سنده: فضَّة، أبو مودود البصريُّ، وفيه لين، قال الترمذي: (حسن غريب من حديث سلمان). ينظر: الثقات لابن حبان ٥/ ٥٤، ميزان الاعتدال ٢/ ٤٠٠، مصباح الزجاجة ١/ ١٥، تهذيب التهذيب ٥/ ١٧٠.